[rtl]السؤال 33:هل يجوز للمكتبة أن تبيع الجرائد والمجلات التي فيها صور خليعة، وأخبار كاذبة، ومدح للمنافقين والفاسقين؟ وهل يجوز لها أن تبيع كتبا تشتمل على عقائد وأفكار وفقه لا يتفق مع ما كان عليه السلف الصالح؟، لكي تروج هي كتبها السلفية ؟!
الجواب: المجلات التي فيها صور خليعة لا يجوز التردد في عدم بيعها، فبيعها حرام.
أما كتب الفقه الأخرى، فلا بد لمن أراد أن يقف عند حدود الشرع فإنه يجب عليه أن يكون على علم بما في هذه الكتب من آراء وأحكام وأفكار، وحينئذ فالحكم للغالب مما فيه،فإن كان الغالب هوالصواب فيجوز بيعها، وإلا فلا يجوز إطلاق القول ببيعها، ولن يجد المسلم كتابا عدا كتاب الله خاليا من خطأ، فإذا قيل بعدم جواز بيع أي كتاب فيه خطأ فحينئذ لا يجوز بيع أي كتاب، وينظر للقضية بمنظار الغالب.[/rtl]
[rtl]السؤال 34: أنا شاب لا زلت أدرس ووالدي رجل غني وهو يتعامل بالربا وغيرها من البيوع المحرمة، فما موقفي من هذا،وخصوصا أنه هو الذي ينفق علي، وقد بينت له أن الربا حرام مرارا ولكن بدون جدوى ؟
الجواب: إن الدراسة التي يشير إليها السائل هي قطعا ليست من الأمور الواجبة، وإنما هي سبيل الى الرزق هذه الأيام، فإذا كان الأمر أنه يعيش تحت كنف أبيه، وهو واثق من أن والده يتعامل بالربا، فعليه: أن يتعاطى كل الأسباب للخلاص من هذه المعيشة القائمة على المعصية، ولو أدى الأمر الى ترك الدراسة، لأن هذه الدراسة بذاتها ليست واجبا عينيا، وعليه أن يسعى لكسب الرزق الحلال بكد يمينه، وعرق جبينه، هذا خير له وأبقى.
فباستطاعة السائل أن يدع الدراسة ولو مؤقتا، ويسعى أن يجد لنفسه رزقا يعف به نفسه ويستغني عن إنفاق أبيه عليه.
وإن اضطر غير باغ ولا عاد أي: أن يظل تحت إنفاق أبيه، فليس له أن يوسع في الطلب منه، وإنما يأخذ بقدر ما يسد به رمقه، ويقيم به أوده، ويستغني به عن الناس.[/rtl]
[rtl]السؤال 35:هل ركوب المرأة وحدها في سيارة أجرة مع سائق أجنبي يعتبر خلوة محرمة في الشرع، وهل ركوب المرأتين معا كذلك ؟
الجواب: ركوب المرأة وحدها مع سائق أجنبي يلتقي مع الخلوة في أن بعض المحظور مما يقع عادة في الخلوة يمكن أن يقع في مثل هذه الحالة التي هي ركوبها مع السائق، وليس هناك شخص ثالث، فهنا لا أعتقد أنها خلوة، ولكنها فتنة، وهذه الفتنة لا ترد في الصورة الاخرى، والتي يكون فيها امرأة أخرى، أو رجل آخر، فإن وقوع الفتنة والحالة هذه أبعد منه في الحالة الأولى.[/rtl]
[rtl]السؤال 36:ما حكم التلفزيون اليوم؟
الجواب: التلفزيون اليوم لا شك أنه حرام، لأن التلفزيون مثل الراديو والمسجل، هذه كغيرها من النعم التي أحاط الله بها عباده كما قال: {وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها} فالسمع نعمة والبصر نعمة والشفتان نعمة واللسان، ولكن كثيرا من هذه النعم تصبح نقما على أصحابها لأنهم لم يستعملوها فيما أحب الله أن يستعملوها؛ فالراديو والتلفزيون والمسجل أعتبرها من النعم ولكن متى تكون من النعم؟ حينما توجه الوجهة النافعة للأمة، التلفزيون اليوم بالمئة تسعة وتسعون فسق، خلاعة، فجور، أغاني محرمة، إلى آخره، بالمئة واحد يعرض أشياء قد يستفيد منه بعض الناس فالعبرة بالغالب، فحينما توجد دولة مسلمة حقا وتضع مناهج علمية مفيدة للأمة حينئذ لا أقول : التلفزيون جائز، بل أقول واجب.[/rtl]
[rtl]السؤال 37:ما معنى" إياكم وخضراء الدمن" ؟
الجواب: هنا قبل الجواب أنبه أن هذا الحديث ضعيف جدا بل موضوع، ولذلك نجيب على السؤال كفائدة لغوية وإلا فالأمر كما يقولون في -العامية-: الميت لا يستحق كل هذا العزاء، لأنه حديث ضعيف جدا وموضوع.
الدمن: الأبعار والأوراث التي يتراكم بعضها فوق بعض فيصيبها الشئ من الرطوبة والبلل فينبت وينشط نشاطا قويا والمقصود فيه كما جاء في نفس الحديث المشار إليه بالضعيف، المرأة الحسناء في المنبت السوء، لذلك جاء في نفس هذا الحديث نفسه: إياكم وخضراء الدمن.[/rtl]
[rtl]السؤال 38:بالنسبة لتفسير (فتح البيان) وتفسير (المنار) ماذا تقولون فيهما ؟
الجواب: تفسير المنار أصلح من فتح البيان، وهو يعالج مشاكل المسلمين اليوم وفيه بحوث اجتماعية وسياسية وتاريخية لا توجد في كتب التفسير المعروفة سابقا، بل لا توجد في كتب المعاصرين، لأن السيد رشيد رضا عالم كبير وسياسي واع، سياسي مسلم، لكن في الوقت نفسه له انحرافات عن السنة في كثير من المواطن، مثل أحاديث عيسى والدجال والمهدي وله فتاوى في أول الأمر وإن كان قد اعتذر في لباس البرنيطة واللباس الاوروبي.[/rtl]
[rtl]السؤال 39: هل يجوز نبش قبور المسلمين ونبش قبور الكافرين ؟
الجواب: هناك فرق طبعا بين نبش قبور المسلمين ونبش قبور الكافرين، فنبش قبور المسلمين لا يجوز إلا بعد أن تفنى وتصبح رميما، ذلك لأن نبش القبور يعرض جثة المقبور وعظامها للكسر وقد قال عليه الصلاة والسلام" كسر عظم المؤمن الميت ككسره حيا" فالمؤمن له حرمة بعد موته كما كانت له حرمة في حياته، طبعا هذه الحرمة في حدود الشريعة.
أما نبش قبور الكفار فليست لهم هذه الحرمة فيجوز نبشها بناءا على ما ثبت في صحيح البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجر من مكة الى المدينة كان أول شئ باشره هو بناء المسجد النبوي الموجود اليوم، فكان هناك بستان لأيتام من الأنصار وفيه قبور المشركين فقال عليه الصلاة والسلام لهؤلاء الايتام:"ثامنوني حائطكم" يعني بيعوني حائطكم بثمنه، قالوا: هو لله ورسوله لا نريد ثمنه، فكان فيه الخرب وفيه قبور المشركين فأمر الرسول صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين فسويت بالأرض وأمر بالخرب فمهدت ثم أقام المسجد النبوي على أرض ذلك البستان.
فإذن نبش القبور على وجهين؛ قبور المسلمين لا يجوز، أما قبور الكفار فيجوز، وقد أشرت في الجواب إلى أنه لا يجوز نبش قبور المسلمين حتي تصبح رميما، وتصبح ترابا، ومتى هذا ؟ إنه يختلف باختلاف الأراضي ، فهناك أراض صحراوية ناشفة تبقى فيها الجثث ما شاء الله من السنين، وهناك أراض رطبة يسرع الفناء فيها الى الأجساد فلا يمكن وضع ضابط لتحديد سنين معينة لفساد الأجساد كما يقال (أهل مكة أدرى بشعابها) فالذين يدفنون في تلك الأرض يعلمون المدة التي تفنى فيها جثث الموتى بصورة تقريبية.[/rtl]
[rtl]السؤال 40: إذا دخلت المسجد والصف الأول قد اكتمل فهل تسحب شخصا يصلي معك أم تصلي وحدك ؟
الجواب: لو صح حديث الجذب للرجل من الصف الأول كي يصلي وحده في الصف الثاني لوجب القول به، ولكنه لم يصح اسنادا كما بينته في "إرواء الغليل" و"السلسلة الضعيفة" المجلد الثاني فما دام أن هذا الحديث لم يصح فإن الداخل إلى المسجد والصف أمامه قد اكتمل عليه أن ينضم للصف الذي بين يديه، وهذا في غالب الأحيان في هذا الزمان الذي انصرف فيه جماهير المسلمين عن التراص في الصفوف لان غالبهم يبتعدون عن التراص فإن وجد الصف كاملا، فلا يعدم أن يجد فراغا ولو بالإشارة الذي يريد أن تقف بجانبه ان يوسع[/rtl]
[rtl]فإذا لم يتمكن من ذلك إما بسبب تراص الناس في الصفوف أو بسبب تعنت بعض المصلين الذين لا يلين أحدهم بيده أو منكبه لهذا الذي يريد أن ينضم للصف بجانبه، فإذا لم يتمكن وقف في الصف الثاني وحده وصلاته صحيحة ذلك لأن قول النبي صلى الله عليه وسلم : "لا صلاة لمن صلى في الصف وحده" إنما هو في حدود القدرة والاستطاعة لسائر العبادات، فنحن نعلم مثلا أن الوقوف في صلاة الفريضة ركن، فإن صلى قاعدا وهو يستطيع القيام لا تصح صلاته، ولكن إن عجز عن القيام صلى قاعدا كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنبك" وكذلك أيضا شأن المنفرد يصلي خلف الصف وحده في حالة كونه لم يتمكن من الانضمام إلى الصف الذي بين يديه، فحديث"لا صلاة لمن صلى وراء الصف وحده" محمول على المتساهل وعلى المعرض عن هذا الحكم الشرعي كما يفعل كثير من الناس وبخاصة من المؤذنين الذين لا ينضمون إلى الصفوف، وإنما يصلي احدهم في مكان وحده على السدة فهؤلاء هم الذين يتوجه إليهم القول، أما رجل دخل المسجد وحاول أن ينضم إلى الصف فلم يتمكن، ولم يأت أحد لينضم إليه فهو يصلي وحده ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها وهذا رأي شيخ الإسلام ابن تيمية.[/rtl]
[rtl]السؤال 41: ما يسمى في الوقت الحاضر بالانقلاب العسكري على الحاكم هل هو وارد في الدين أم هو بدعة ؟
الجواب: هذه الأفعال لا اصل لها في الإسلام وهي خلاف المنهج الإسلامي في تأسيس الدعوة وإيجاد الأرض الصالحة لها وإنما هي بدعة كافرة تأثر بها بعض المسلمين وهذا ما ذكرته في التعليق والشرح على العقيدة الطحاوية.[/rtl]
[rtl]السؤال 42: ما هي الأسس التي من خلالها يمكن للعالم الإسلامي أن ينهض من جديد ؟
الجواب: الذي أعتقده هو ما جاء في الحديث الصحيح الذي هو جواب صريح على مثل هذا السؤال وأمثاله التي تطرح في العصر الحاضر، وهو قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا تبايعتم بالعينة؟، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع، وتركتم الجهاد في سبيل الله سلط الله عليكم ذلا لا ينزعه عنكم حتى ترجعوا إلى دينكم"، فالأساس هو الرجوع إلى الإسلام.
وهذا الأمر قد أشار إليه الإمام مالك-رحمه الله- في كلمة مأثورة تكتب بماء الذهب، وهي قوله: من ابتدع في الإسلام بدعة يراها حسنة، فقد زعم أن محمدا صلى الله عليه وسلم خان الرسالة، اقرأوا قول الله تبارك وتعالى:{اليوم أكملت لكم دينكم أتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}، فما لم يكن يومئذ دينا لا يكون اليوم دنا، ولا تصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها.[/rtl]
[rtl]
هذه الجملة الخيرة هي بيت القيد فيما يتعلق بالجواب عن هذا السؤال، حيث قال رحمه الله: ولا يصلح آخر هذه الأمة إلا بما صلح به أولها، فكما أن العرب في الجاهلية ما صلح أمرهم إلا بعد مجئ نبيهم محمد صلى الله عليه وسلم بوحي السماء الذي أسعدهم في الدنيا، وسينجيهم في الأخرى، فالأساس الذي ينبغي أن تكون عليه الحياة الإسلامية السعيدة في هذا الزمان ليس إلا الرجوع إلى الكتاب والسنة.
غير أن هذا الأمر يحتاج إلى شئ من التفصيل؛ لكثرة الجماعات والأحزاب الإسلامية الموجودة في الساحة والتي تدعي لنفسها أنها وضعت المنهج الذي يمكنها من تحقيق المجتمع الإسلامي والحكم بالإسلام.
ونحن نعلم من كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن السبيل إلى تحقيق ذلك إنما هو سبيل واحد وهو ما ذكره الله عز وجل بقوله:** وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله}،[/rtl]
[rtl]ولقد وضحه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه؛ فقد خط لهم يوما خطا مستقيما على الأرض ثم خط على جانبه خطوطا قصيرة، ثم قرأ عليه الصلاة والسلام وهو يمر بإصبعه الشريفة على الخط المستقيم الآية السابقة ثم أشار إلى الخطوط التي على جانبي الخط المستقيم، ثم قال:"هذا سبيل الله وهذه السبل على رأس كل سبيل منها شيطان يدعو له"
وقد أكد ربنا عز وجل بآية أخرى ما ذكر في الآية السابقة مع شرح رسول الله صلى الله عليه وسلملها في الحديث المذكور أنفا؛ فقال تعالى:[/rtl]
[rtl]** ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصر}، ففي هذه الآية حكمة بالغة،فقد عطف سبحانه سبيل المؤمنين على ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذه النكتة أشار إليها رسول الله في حدث الافتراق عندما سئل عن الفرقة الناجية فقال:"ما أنا عليه اليوم وأصحابي".
*فما هي الحكمة في ذكر الله عز وجل في هذه الآية سبيل المؤمنين؟ وما هي النكتة في عطف رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه على نفسه في الحديث السابق ؟
الجواب: أن هؤلاء الصحابة الكرام هم الذين تلقوا الوحيين من رسول الله صلى الله عليه وسلم مبينا منه لهم مباشرة دون واسطة كما هو شأن من جاء من بعدهم، ولا شك أن الأمر كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن الشاهد يرى ما لا يرى الغائب"، ولذلك كان إيمان الصحابة الأولين أقوى من إيمان من جاء بعدهم، وهذا ما أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم في الحديث المتواتر:" خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم"، وعلى هذا فلا يستطيع مسلم أن يستقل بفهم الكتاب والسنة بشخصه، بل لابد أن يستعين على فهمهما بالرجوع إلى الأصحاب الكرام الذين تلقوا ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم مفسرا تارة بقوله، وتارة بفعله، وتارة بتقريره.[/rtl]
[rtl]
فإذن من الضرورة جدا أن نضم إلى الدعوة إلى الكتاب والسنة السير على ما كان عليه سلفنا الصالح؛ إعمالا لما سبق ذكره في بعض الآيات والأحاديث المتقدمة حينما ذكر الله سبيل المؤمنين، وذكر نبيه الكريم وأصحابه إلى فهم الكتاب والسنة على ما كان عليه سلفنا الأول من الصحابة رضي الله عنهم، ومن تبعهم بإحسان.
ويأتي هنا سؤال هام جدا يغفل عنه كثير من الجماعات أو الأحزاب الإسلامية،ألا وهو: ما هو السبيل الى معرفة ما كان عليه أصحابه من فهم وتطبيق لهذه السنة ؟
الجواب: لا سبيل إلى ذلك إلا بالرجوع إلى علم الحديث؛ علم مصطلح الحديث، وعلم الجرح والتعديل، وتطبيق قواعده ومصطلحاته حتى يتمكن العلماء من معرفة ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم مما لم يصح.
وكي نختم الجواب نقول بعبارة أوضح للمسلمين الذين يريدون أن يعيدوا العزة للإسلام، والمجد للإسلام، والحكم للإسلام: لا بد لكم أن تحققوا أمرين اثنين:
أما الأمر الأول : فهو ان تعيدوا إلى أذهان المسلمين شريعة الاسلام مصفاة من كل ما دخل فيها مما لم يكن منها يوم أنزل الله تبارك وتعالى قوله:** اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا}، وإعادة هذا الأمر اليوم كما كان في العهد الأول يحتاج إلى جهود جبارة من علماء المسلمين في مختلف أقطار الأرض.
والأمر الآخر:ينبغي أن يقترن العمل الجاد الدؤوب بهذا العلم المصفى.
ثم يعملون على تطبيق هذا الإسلام المصفى تطبيقا عمليا صحيحا في جميع مناحي الحياة، يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله.
هذا ما أستطيع قوله في هذه العجالة سائلا الله لنا ولعامة المسلمين أن يفهمنا الإسلام فهما صحيحا على ضوء كتابه وسنة رسوله الصحيحة وعلى ما كان عليه سلفنا الصالح، وان يوفقنا للعمل بذلك، إنه سميع مجيب.[/rtl]
[rtl]السؤال 43:سأل سائل من طلاب العلم:يتساءل كثير من طلاب المدارس عن حكم ترك شعر الرأس وحلقه، ويلتبس الأمر عليهم بين ما تأمرهم به المدرسة وتشدد عليهم وجوب حلق شعر الرأس كله أو المبالغة في تقصيره، وبين ما يراه الطلاب من بعض المدرسين الملتزمين -ولا نزكي على الله أحدا من تركهم لشعر رؤوسهم وعدم الأخذ منه، مع أنهم ينظفونه ويرجلونه وتعودوا على تركه.
فأقول-مستعينا بالله تعالى-: إن اتخاذ شعر الرأس سنة كما قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى :" هو سنة، لو نقوى عليه اتخذناه، ولكن له كلفة ومؤونة"، قال ابن القيم رحمه الله في (زاد المعاد):"ولم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم حلقه إلا في نسك".
وقد تواردت الأحاديث الصحيحة المبينة لصفة شعره عليه الصلاة والسلام، جاء في (المغني):" ويستحب أن يكون شعر الإنسان على صفة شعر النبي صلى الله عليه وسلم، إذا طال فإلى منكبيه، وإن قصره فإلى شحمة أذنيه، وإن طوله فلا بأس، ونص عليه احمد".
أقول : إن اتخاذ الشعر وتركه لا بد له من لوازم ومنها:
1-الإخلاص لله تعالى، والمتابعة لهديه صلى الله عليه وسلم لنيل الأجر والثواب.
2-أن لا يكون في اتخاذه للشعر متشبها بالنساء فيصنع به ما يصنه النساء بشعورهن من قبيل الزينة الخاصة بهن.
3-أن لا يريد به التشبه بأهل الكتاب أو بغيرهم من أهل الأوثان أو العصاة المسلمين كالفنانين من المغنين أو الممثلين أو من سار على نهجهم كالماجنين من الرياضيين في قصات شعورهم وتزيين رؤوسهم.
4-أن ينظفه، ويرجله غبا، ويستحب دهنه وتطييبه وفرقه من منتصف رأسه، فإذا طال جعله ذوائب.[/rtl]
[rtl]
أما الحلق فقد فصل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى الكلام فيه وصنفه على أربعة أنواع، ومختصر ما قال رحمه الله تعالى-بتصرف-:
أنه إذا كان الحلق لحج أو عمرة أو للحاجة كالتداوي فهذا ثابت ومشروع بالكتاب والسنة ولا شك في جوازه أما إذا كان لغير ما تقدم فهو لا يخرج عن أن يكون أحد أمرين:
?الأمر الأول:أن يحلقه على وجه التعبد والتدين والزهد من غير حج ولا عمرة مثل أن يجعل حلق الرأس شعار أهل النسك والدين، أو من تمام الزهد والعبادة، أو يجعل من يحلق رأسه أفضل ممن لم يحلقه أو أدين أو أزهد، فقد قال شيخ الإسلام رحمه الله تعالى:"فهذه بدعة لم يأمر الله بها ولا رسوله، وليست واجبة ولا مستحبة عند أحد من أئمة الدين، ولا فعلها أحد من الصحابة والتابعين لهم بإحسان، ولا شيوخ المسلمين المشهورين بالزهد والعبادة لا من الصحابة ولا من التابعين ولا من تابعيهم ومن بعدهم".[/rtl]
[rtl]
?الأمر الثاني: أن يحلق رأسه في غير النسك بحج أو عمرة، ولغير حاجة، وليس على سبيل التقرب و التدين، فهذا فيه قولان للعلماء:
القول الأول: الكراهية: وهو مذهب مالك وغيره ورواية عن أحمد رحمهم الله جميعا.
قال أحمد: (كانوا يكرهون ذلك)، وحجة من ذهب إلى هذا القول أن حلق الرأس شعار أهل البدع، فإن الخوارج كانوا يحلقون رؤوسهم وقد قال عنهم النبي صلى الله عليه وسلم : " سيماهم التحليق"، كما أن بعض الخوارج كانوا يعدون حلق الرأس من تمام التوبة والنسك، وقد ثبت في (الصحيحين) : (أن النبي صلى الله عليه وسلم لما كان يقسم جاءه رجل عام الفتح كث اللحية محلوق)، وجاء في (مسند الإمام أحمد) ما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم :"ليس منا من حلق "، قال ابن عباس: (الذي يحلق رأسه في المصر شيطان).[/rtl]
[rtl]
القول الثاني: الإباحة: وهو المعروف عند أصحاب أبي حنيفة والشافعي، وهو رواية عن احمد أيضا، ودليلهم: ما رواه أحمد وأبو داود والنسائي، بإسناد صحيح كما قال صاحب( منتقي الأخبار) عن ابن عمر( أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبيا قد حلق بعض رأسه وترك بعضه، فنهاهم عن ذلك، وقال: "احلقوا كله أو ذروه كله"، وأتي - صلى الله عليه وسلم- بأولاد صغار بعد ثلاث فحلق رؤوسهم.
ولأنه نهى عن القزع، والقزع حلق البعض فدل على جواز حلق الجميع، قال الشوكاني رحمه الله تعالى (في نيل الأوطار) عند الكلام على الحديث الذي أورده صاحب(المنتقى) : " وفيه دليل جواز حلق الرأس جميعه، قال الغزالي: (لا بأس به لمن أراد التنظيف، وفيه رد على من كرهه).
وجاء في ( المغني) : " قال حنبل : كنت أنا وأبي نحلق رؤوسنا في حياة أبي عبد الله فيرانا ونحن نحلق فلا ينهانا"، قال ابن عبد البر: "وقد اجمع العلماء على إباحة الحلق وكفى بهذا حجة.[/rtl]
[rtl]
أقول -وبالله التوفيق- هذا القول الثاني هو الذي ترجح عندي لصحة رواياته وصراحتها، والله أعلم.
أما منع المدرسة لعموم الطلاب باتخاذ شعر الرأس، فإن هذا الإجراء هو من سبيل سد الذرائع ودرء المفاسد، وذلك لما لاحظته المدرسة من أن طائفة ليست قليلة من الطلاب تتخذ الشعر ليس من أجل إتباع السنة، بل من أجل المحاكاة والمشابهة للمشاهير من الفنانين الماجنين والرياضيين، سواء كانوا مسلمين أو غيرهم، وذلك بعمل شعر الرأس على نمط يشابه رؤوس هؤلاء المشاهير تعبيرا عن حبهم والإعجاب بهم وبما هم عليه، كما أن ضرر هؤلاء الطلاب المقلدين لا يقتصر على أنفسهم فحسب، بل يمتد إلى زملائهم في المدرسة فيؤثرون فيهم بهذا السلوك المبهرج مما يفضي إلى انجراف ضعاف النفوس من الطلاب في زمرتهم خاصة وأنهم وفي هذا السن الذي يغلب فيه على صاحبه تقلب الأمزجة، وتعدد الرغبات، وسرعة التأثر، واتخاذ القرارات، فتجد أن الطالب في هذه السن يتأثر بزملائه في المدرسة أكثر من تأثره بدوافع مدرسية أو حتى والديه!! هذا والله أعلم.
[/rtl]
[rtl]السؤال 44: ما الحكم الشرعي في صلاة الجماعة الثانية في المسجد؟
الجواب: اختلف الفقهاء في حكم صلاة الجماعة الثانية، ولكن قبل ذكر الخلاف، وبيان الراجح من المرجوح لا بد من تحديد الجماعة التي اختلفوا فيها.
موضوع الخلاف هو في جماعة تقام في مسجد له إمام راتب ومؤذن راتب، أما الجماعات التي تقام في أي مكان: في دار، أو مسجد طريق، أو دكان فلا مانع من تكرار الجماعة في هذه المواطن.
ويأخذ العلماء الذين يقولون بكراهة تعدد الجماعة في مثل هذا المسجد-الذي له إمام راتب ومؤذن راتب-هذا الحكم من استدلالين اثنين:[/rtl]
[rtl] أحدهما نقلي من الشارع، والآخر نظري وهو تأمل الرواية، والحكمة من مشروعية صلاة الجماعة.
أما النقل: فقد نظروا فوجدوا أن النبي صلى الله عليه وسلم ظل طيلة حياته يصلي بالناس جماعة في مسجده، ومع ذلك فكان الفرد من أصحابه إذا حضر المسجد وقد فاتته الجماعة صلى وحده ولم ينتظر ، ولم يلتفت يمينا ويسارا-كما يفعل الناس اليوم يطلبون شخصا أو أكثر ليصلي أحدهم بهم إماما.
ولم يكن السلف يفعلون شيئا من هذا؛ فإذا دخل أحدهم المسجد ووجد الناس قد صلوا صلى وحده، وهذا ما صرح به الإمام الشافعي في كتابه(الأم)-وكلامه في الواقع من اجمع ما رأيت من كلام الأئمة في هذه المسألة-حيث قال:[/rtl]
[rtl](وإذا دخل جماعة المسجد، فوجدوا الإمام قد صلى صلوا فرادى، فإن صلوا جماعة أجزأتهم صلاتهم، ولكني أكره لهم ذلك، لأنه لم يكن من أحوال السلف)
ثم قال:(وأما مسجد في قارعة الطريق-ليس له إمام راتب ولا مؤذن راتب-فلا بأس من تعدد الجماعة فيه).
ثم قال: (إنا قد حفظنا أن جماعة من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فاتتهم صلاة مع الجماعة، فصلوا فرادى مع أنهم كانوا قادرين على ان يجمعوا فيه مرة أخرى، لكنهم لم يفعلوا ؛ لأنهم كرهوا أن يجمعوا في مسجد مرتين).
هذا كلام الشافعي، وما ذكره من ان الصحابة كانوا يصلون فرادى إذا فاتتهم صلاة الجماعة -ذكره معلقا بصيغة الجزم لهذا المعلق، ووصله الحافظ أبو بكر ابن أبي شيبة في كتابه المشهور (المصنف) رواه بإسناد قوي عن الحسن البصري أن الصحابة كانوا إذا فاتتهم صلاة مع الجماعة صلوا فرادى.
وذكر هذا المعنى ابن القاسم في(مدونة الإمام مالك) عن جماعة من السلف، كنافع مولى ابن عمر، وسالم بن عبد الله، وغيرهم أنهم كانوا إذا فاتتهم الصلاة صلوا فرادى ولم يعيدوها جماعة أخرى.[/rtl]
[rtl]
وأيضا روى الإمام الطبراني في (معجمه الكبير) بإسناد جيد عن ابن مسعود أنه خرج مع صاحبين له من بيته الى المسجد لصلاة الجماعة، وإذا به يرى الناس يخرجون من المسجد وقد انتهوا منها، فعاد وصلى بهما إمام في بيته، فرجوع ابن مسعود- وهو من هو في صحبته للرسول صلى الله عليه وسلم وفي معرفته وفقهه للإسلام-لو كان يعلم مشروعية تعدد الجماعات في المسجد الواحد لدخل بصاحبيه وصلى بهما جماعة؛ لأنه يعلم قول الرسول صلى الله عليه وسلم : "أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة". فما الذي منع ابن مسعود أن يصلي هذه المكتوبة في المسجد؟ علمه انه إن صلاها في المسجد فسيصليها وحده، فرأى أن يجمع بهما في بيته أفضل من ان يصل هو ومن معه، كل على انفراد في المسجد.
[/rtl]
[rtl]فهذه المجموعة من النقول تؤيد وجهة نظر الجمهور الذين كرهوا تعدد الجماعة في المسجد الموصوف بالصيغة السابقة.
[/rtl]
[rtl]السؤال 45: نفساء طهر، ثم نزل منها الدم بعد أيام، فهل يعد هذا دم استحاضة، أم غيره؟
الجواب: إذا كانت تجاوزت مدة النفاس الأكبر، وهي أربعون يوما،فهذا الدم بلا شك دم استحاضة، وليس دم نفاس، وإن كانت طهرت في ظنها قبل إتمام الأربعين فمن المحتمل ان يكون تطهرها قبل انتهاء الأربعين خطأ منها حينذاك ينظر إلى الدم الذي عرض لها، فإن كان دما أسود كدم الحيض والنفاس عادة تعد نفسها لم تطهر بعد، وتمسك عن الصلاة وعن الصيام ونحو ذلك مما هي ممنوعة منه شرعا.[/rtl]
[rtl]السؤال 46: امرأة عليها قضاء أيام من رمضان الماضي بسبب الحيض، والآن هي حامل، ورمضان وشك القدوم، ولا تستطيع أن تقضي إلا بعد انقضاء شهر رمضان القادم، فكيف تتصرف؟
الجواب: إذا كان بإمكانها قضاء أيام رمضان المترتبة عليها بعد رمضان؟، فتفطر وتقضيها فيما بعد، بمعنى وجوب القضاء على التراخي، المهم تبرئ ذمتها من هذه الفريضة، لكن إذا افترضنا أنها ماتت قبل أن تبرئ ذمتها، فيجب عليها حينئذ أن توصي بإخراج كفارة عنها، والكفارة واردة هنا مثل هذه الحالة.
أما إذا لم تكن حاملا ولا مرضعا وفاتها أيام من رمضان بسبب الحيض، فعليها القضاء، وإذا اتصل معها الحمل والرضاع فيجوز أن تؤخر، ثم تقضي بدون فدية ولا كفارة.[/rtl]
[rtl]السؤال 47: امرأة حامل أفطرت النصف الأول في رمضان، عملا برخصة الفطر لها، وبناء على حديث:"إن الله وضع الصوم عن الحامل والمرضع"،وبنية أنه ليس عليها قضاء، وإنما فدية فقط، حسب فتوى ابن عباس رضي الله عنه، ثم نفست النصف الثاني من رمضان، وحرم علها الصيام أثناء النفاس بسبب النفاس، فهل يجب عليها قضاء أيام النفاس التي أفطرتها؟ وإذا كانت اعتبرت نفسها مرضعا أثناء فترة النفاس، فهل يسقط عنها وجوب القضاء، بناء على الحديث السابق؟
الجواب: إذا وافق أنها صارت بنفاسها مرضعا، فالجواب كما كان وضعها وهي حامل ،ليس عليها قضاء، وإنما عليها الفدية.[/rtl]
[rtl]السؤال 48: هل يجوز إخراج زكاة الفطر قبل موعدها بأيام أو أسابيع؟
الجواب: هذا لا يجوز، لأنه يضاد الحكمة التي رمى إليها الشارع من جراء إخراج زكاة الفطر، فهو أراد أن يغني الفقراء عن السؤال في يوم العيد، فإذا أخرجها قبل العيد بمدة أسبوع أو أكثر فلا شك أن الغاية تنتفي من جراء هذا العمل، لأن الفقير ينتفع بالصدقة في تلك الأيام التي استلمها فيها، فيأتي يوم العيد، فيمكن أن يكون محتاجا فقيرا.
وبخاصة مع ورود علة الحكم في ذلك أنها"طهرة للصائم"، وهذا لا يكون إلا بعد انتهاء شهر الصيام.
فلم يكن القصد من زكاة الفطر أن يغنيه الشارع عن السؤال في رمضان، وإنما عن السؤال والحاجة في يوم العيد، فيمكن مع بعض التسامح أن نسمح للمتصدق بسبب الظروف الحاضرة، وبعد الأمكنة أن يخرج زكاته قبل يوم او يومين، وبهذا وردت آثار صحيحة عن بعض الصحابة أنهم تساهلوا في يوم أو يومين.[/rtl]
[rtl]ولاتنسونا من صالح دعاؤكم[/rtl]
[rtl]والحمد لله رب العالمين[/rtl]
الموضوعالأصلي : حصرى س و ج مع الالبانى // المصدر :