تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :المنظمات غير الحكومية و دورها في عولمة النشاط الخيري و التطوعي
كمال منصوري
الملخص:
هذا البحث هو محاولة لاستجلاء طبيعة الدور الذي تقوم به المنظمات غير الحكومية الغربية، أو ما يراد لها أن تضطلع به، في ظل المتغيرات الدولية الجديدة التي صاحبت انتشار فكرة العولمة ،وذلك من خلال تحديد الموقع الذي يحتله القطاع الخيري والتطوعي في الاقتصاديات الحديثة ، والمكانة التي أصبحت تحظى بها المنظمات غير الحكومية الدولية في الأجندة الغربية، وكذا تحديد مدى انتشار هذه المنظمات وتوسع أنشطتها عبرا لحدود الدولية،وازدياد حضورها و نفوذها في المحافل العالمية ،وتأثير ذلك على منظومة العمل الخيري العربي والإسلامي.
مقدمة:
تحظى المنظمات غير الحكومية باهتمام متزايد من قبل الحكومات ووسائل الإعلام في البلدان المتقدمة خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية،حيث تتصدر الاهتمامات العامة والسياسية والاقتصادية،وهي تشكل الإطار المؤسسي والوعاء التنظيمي للقطاع الثالث أو العمل الخيري والتطوعي في الاقتصاديات المعاصرة.
ولقد شهد القطاع الخيري في البلدان الغربية نموا متسارعا في القرنين الماضيين،حيث أصبح النشاط الخيري والتطوعي يحتل حيزا مهما من الثروة الوطنية في المجتمعات الغربية بما يملكه من أصول، وبما يوفره من خدمات اجتماعية كثيرة وبتمويله لشبكة واسعة من المؤسسات الخدمية، في مجالات حيوية عدة كالتعليم والصحة والثقافة والفنون والبيئة والبحث العلمي وحقوق الإنسان والأسرة ورعاية الطفولة والمساعدات الدولية،وغيرها من الخدمات والمنافع العامة، فقد دعي هذا القطاع الثالث في السنوات الأخيرة لدعم وتطوير سياسات الرفاهية الاجتماعية في الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا, وللتغلب على عمليات إقصاء الفقراء في فرنسا ولدعم التعددية في السويد وتقوية المجتمع المدني والإسهام في التنمية في الدول النامية ودول شرق أوروبا.
و من المتوقع أن يزداد دور القطاع الثالث في الاقتصاديات المتقدمة، وأن يحتل مكانة مرموقة في النظام العالمي الجديد،حيث تشكل المنظمات غير الحكومية،والتي تعمل على نطاق دولي، جزءا من هذا النظام الذي يجري تسويقه وتعميمه في بلدان العالم النامي،ذلك أن العمل الأهلي والتطوعي في البلدان النامية تسيطر عليه فكرا وممارسة وتمويلا شبكة واسعة من المنظمات غير الحكومية دولية النشاط.
و في هذا الإطار نتساءل: ماهو الدور الذي يمكن أن تقوم به المنظمات التطوعية غير الحكومية في العالم المتقدم في عولمة العمل الخيري والتطوعي ؟ وما هو موقع المنظمات غير الحكومية والأهلية ضمن مفردات النظام العالمي الجديد ؟ هذا الدور الذي سوف يأتي معبرا عن موقف هذه المنظمات من عملية العولمة .
إن الإجابة المنهجية على هذا التساؤل تقتضي منا تحديد جملة من المفاهيم ، والمتعلقة أساسا بمفهوم القطاع الخيري والتطوعي، وتحديد موقعه في الاقتصاديات المعاصرة ، إضافة إلى تحليل الإطار المؤسسي لهذا القطاع وخصائصه ومجالات النشاط الخيري،وذلك قبل أن نحدد الدور المنوط بالمنظمات غير الحكومية في ظل العولمة، وهذا ما يشكل تحديا لمنظومة العمل الخيري والتطوعي في بلداننا العربية والإسلامية، مما يدعونا للتفكير لمواجهة هذا التحدي.
أولا : مكانة القطاع الخيري والتطوعي في الاقتصاديات الغربية:
1 - تعريف القطاع الخيري والمنظمة غير الحكومية :
تطلق على القطاع الخيري أسماء عديدة بحسب المنطلق الثقافي والبيئي , فهو قطاع تطوعي أو غير حكومي ,أو قطاع غير هادف للربح ، وهو أيضا القطاع المستقل أو القطاع الثالث ويسمى أيضا بالاقتصاد الاجتماعي والقطاع الخفي أو الجمعيات الخيرية العامة، كل هذه الأسماء تطلق للدلالة علي مساحة النشاط الاجتماعي،والممارسات العامة والفردية والمؤسسية خارج نطاق القطاعين الحكومي وقطاع الأعمال والموجهة للصالح والنفع العام.
في محاولة لوضع تعريف موحد و توحيد تصنيفه تبنت جــامعة ( جونز هوبكـنر) بالولايات المتحدة الأمريكية مشروع بحث مقارن استطاع الوصول إلى تعريف واحد أساسه (بنية المؤسسة و عملياتها) ، ووضع تصنيفا لمؤسسات هذا القطاع وأسماه (التصنيف الدولي للمنظمات غير الربحية ) حيث عرف القطاع الخيري غير الربحي بأنه مجموعة من المنظمات ذات الطبيعة المؤسسية,والمنفصلة عن الحكومة والتي لا توزع أرباحا والحاكمة لنفسها والتي تقوم على التطوع.[1]
أما المنظمة غير الحكومية فهي وفقا لوثائق الأمم المتحدة الصادرة في عام 1994، تمثل كيانا غير هادف للربح وأعضاؤه مواطنون أو جماعات من المواطنين ينتمون إلى دولة واحدة أو أكثر وتتحدد أنشطتهم بفعل الإرادة الجماعية لأعضائها، استجابة لحاجات أعضاء واحدة أو أكثر من الجماعات التي تتعاون معها المنظمة غير الحكومية.[2]
و يشير هذا المصطلح أيضا إلى اتحاد أو جمعية أو مؤسسة أو صندوق خيري أو مؤسسة (شركة) لا تسعى للربح أو أي شخص اعتباري آخر لا يعتبر بموجب النظام القانوني المعني جزءاً من القطاع الحكومي ولا يدار لأغراض تحقيق الربح، حيث لا يتم توزيع أي أرباح تحققت.[3]
كما عرفت المنظمة غير الحكومية بأنها نسيج غير حكومي (غير ربحي) وقد تكون كبيرة أو صغيرة دنيوية أو دينية وقد تعمل لصالح أعضائها فقط، أو لكل من يحتاج إلى مساعدة، بعضها يركز على قضايا محلية وبعضها الآخر يعمل على مستويات وطنية أو إقليمية أو دولية عالمية.
وتعرف أيضا بأنها " تنظيم اجتماعي يستهدف غاية ومن أجل بلوغها تحدد نشاطها في بيئة جغرافية بعينها أو في ميدان نوعي أو وظيفي متخصص فيه".[4]
وأكثر التعريفات واقعية وجوهرية تلك التي تشير إلى أن المنظمات غير الحكومية تختلف من حيث مهامها وتطبيقاتها العملية عن القطاعين الدولة والخواص ، ولكن بالرغم من تميزها عن القطاعين, إلا أنها تتضمن بعض الخصائص ،وذلك لارتباطها بقوى السوق من خلال الأنشطة المولدة للدخل، إلى جانب اهتمامها بقضايا اجتماعية.
2- تصنيف المنظمات غير الحكومية
لقد ارتبط مفهوم المنظمات غير الحكومية بالمعايير التي استخدمت ،كالحجم والعضوية والوظيفة والتي على أساسها تم تصنيفها إلى الأنماط التالية :
- التوزيع الجغرافي: منظمات محلية، منظمات وطنية، منظمات أجنبية ودولية.
- المعيار الوظيفي ونوعية الأنشطة: زراعي، خدمي، صناعي أو حرفي.
- المعياري الجندري: رجال، نساء.
- معيار الحجم: كبيرة، صغيرة.
- المعيار الطبقي: مزارعين، عمال ،طبقة وسطى.
- المعيار الثقافي: ديني، عرفي، قرابي, اثني.[5]
كما أن هناك تقسيمات أخرى للمنظمات تتضمن أربع جوانب هي :[6]
- منظمات حكومية: يضمها تشريع وتمويل حكومي ,وبها موظفين مثل مكاتب الضمان الاجتماعي.
- منظمات أهلية: تقوم بالجهود الأهلية و يمولها الأهالي مثل الجمعيات الخيرية الخاصة.
- منظمات مشتركة: يشترك في إدارتها وتمويلها الحكومة والأهالي.
- منظمات دولية: وهي منظمات الرفاهية الاجتماعية مثل منظمة اليونسكو والمنظمات التابعة للأمم المتحدة.
3- موقع القطاع الخيري والتطوعي في التقسيم الاقتصادي الحديث :
لقد شهدت المجتمعات الغربية –أوربا وأمريكا – نمو متسارعا في الأعمال الخيرية والأنشطة التطوعية على مدى القرنين التاسع عشر والعشرين [7], حيث أصبح القطاع الثالث يشكل أحد القطاعات الاقتصادية المهمة في التقسيم الاقتصادي الحديث الذي أصبح يأخذ الشكل الآتي :[8]
- القطاع العام بشقيه الربحي وغير الربحي .
- القطاع الخاص وهو قطاع ربحي بالأساس .
- القطاع الثالث بشقيه التبرعي و الوقفي وهو يختلف عن القطاعين السابقين حيث لا يهدف نظريا إلى تحقيق الربح , وإنما يقوم على سبيل التطوع .
4- الأهمية الاقتصادية للقطاع الخيري والتطوعي:
يحتل القطاع الخيري حيزا مهما من الثروة القومية في بلدان المتقدمة، ويقدم خدمات كثيرة في مجالات عدة، فالقطاع الخيري الذي تنتمي إليه المؤسسات الخيرية والمنظمات غير الحكومية ، أصبح يشكل رقما هاما في المعادلة الاقتصادية في الكثير من البلدان الصناعية ،وهو قطاع ثالث شريك للقطاعين الآخرين في عملية التنمية البشرية،بما يملكه من جامعات ومراكز بحثية ومستشفيات ومؤسسات استثمارية .
ففي الولايات المتحدة الأمريكية فالإحصائيات الرسمية الخاصة بسنة 2003 تشير إلى أن القطاع الخيري بشقيه الوقفي والتبرعي يضم في إطاره 1514972 منظمة وجمعية ، و32000 مؤسسة وقفية،ويتم الترخيص يوميا لـ 200 جمعية تعمل في القطاع الخيري ،وينتظم في هذا القطاع قرابة
11 مليون موظفا بصفة دائمة، ،بينما بلغت إيراداته (تبرعات) حوالي 212 مليار دولار أمريكي[9] ، إضافة إلى 90 مليون متطوع في جميع الأعمال الدينية والإغاثية والإنسانية،بواقع 5 ساعات عمل أسبوعيا في التطوع في جميع التخصصات.
ثانيا: البناء المؤسسي للقطاع الخيري والتطوعي الغربي :
كما سبق ذكره يحتل القطاع الخيري و التطوعي حيزا مهما من الثروة الوطنية في البلدان الغربية ويقدم خدمات اجتماعية نوعية كثيرة في مجالات حيوية عديدة كالصحة والتعليم والبحث العلمي والتنمية المحلية وغيرها , يتم ذلك من خلال شريحة واسعة من المؤسسات والهيئات والأنشطة والمنظمات غير الحكومية والتي تشكل في مجموعها البناء المؤسسي للقطاع الخيري والتطوعي بشقيه الوقفي والتبرعي .
1- الصيغ المؤسسية للعمل الخيري
بسبب اختلاف المفهوم القانوني للعمل الخيري والوقفي في البلدان الغربية فإنه من الصعب حصر جميع مؤسسات القطاع تحت عنوان واحد[10] ، غير أن المؤسسات الخيرية والمنظمات غير الحكومية المشكلة للقطاع الثالث في البلدان الغربية تتوزع فيما بين المؤسسات الخيرية والأمانات الوقفية والجمعيات ،وبيانها فيما يلي :[11]
1-1- المؤسسة الخيرية : Foundation
تقوم هذه الصيغة على أساس وقف أموال معينة من العقارات أو المنقولات للانفاق من ريعها على أغراض خيرية و منافع عامة لا تستهدف الربح , كإنشاء المستشفيات أو المدارس أو الملاجئ أو للإنفاق على بعض ما يكون موجودا من هذه الهيئات بالفعل .
1 -2- الاستئمان : Trust
وهو أن يضع الشخص ماله –عقارا أو منقولا – أو جزءا منه في حيازة شخص أخر يسمى (الأمين) أو يضعها في حيازة أكثر من شخص يكونون (مجلس الأمناء ), ليقوم بتوظيف هذا المال .
واستثماره لمصلحة شخص أخر أو أكثر من أولاد الوصي أو ذريته , خاصة القصر منهم وعديمي الأهلية والأرامل بهدف صيانة ثروته وعدم تبديدها وهذا ما يسمى بالاستثمار (الأهلي )وقد يكون هدف الموصي هو تحقيق مصلحة عامة يختارها هو , وهذه الحالة في الاستئمان تسمى (الاستئمان الخيري)
والأمين أو مجلس الأمناء قد يكون شخصا طبيعيا أو اعتباريا كالمصارف والشركات المتخصصة في استثمار أموال (الترست)وإدارتها .
1-3 - الجمعـية : Association
يؤسسها عدد من الأشخاص (بحد أدنى لعدد الأعضاء المؤسسين يحدده القانون، كما يحدد مواصفاتهم ) ، بدافع حب الخير وخدمة الغير –أو خدمة أعضاء الجمعية , أو فئة اجتماعية ما – وتعتمد الجمعية في تمويل أنشطتها على اشتراكات الأعضاء وتلقي الهبات والحصول على المساعدات بما في ذلك المساعدات الحكومية , بخلاف المؤسسة الخيرية التي تقوم على أساس الإيقاف.
2 - المميزات العامة للمنظمات غير الحكومية و المؤسسات الخيرية :
تمثل المنظمات غير الحكومية مجموعة من المنظمات و المؤسسات و الجمعيات المتنوعة ذات المهام المختلفة و التي تتسم بجملة من الخصائص منها :[12]
- أن تنشأ مستقلة عن الدولة ، و أن تحكم نفسها من خلال مجلس أمناء.
- أن تستفيد من الصدقات و الهبات النقدية من قبل الأفراد و الشركات أو التبرع بالوقت أو استقطاع من الراتب و التركات .
- أن تكون أدوات جلب منافع للآخرين أي منافع تستفيد منها فئات خاصة أو جميع الناس.
- أن لا تكون مؤسسة ربحية .
- تخضع الهيئات والمؤسسات الخيرية لرقابة ضريبية صارمة .
- الحرص على ترك مجال واسع من حرية التحرك والمبادرة لمجالس الأمناء التي تدير هذه المؤسسات لتقرر في كل زمان أولويات العمل ومواطنه.
- ارتباط مؤسسات القطاع الخيري عادة بالضمير الحي لدى العاملين خاصة على مستوى المتبرعين بالعمل وبعض قيادات العليا لهذه المؤسسات ،كما تتسم المؤسسات الخيرية والمنظمات غير الحكومية بأنها أكثر كفاءة وخدماتها أكثر جودة من المؤسسات الحكومية.
- حصول المؤسسة الخيرية على قدر كبير من العمل التبرعي والذي يعتبر أغلى عناصر الإنتاج في الاقتصاديات الغربية.
- تتلقى المؤسسات الخيرية دعما حكوميا يأخذ أشكالا مختلفة كالإعفاءات الضريبية والإعفاءات في الرسوم كما تتلقى منحا من الحكومة المركزية إضافة إلى دعم السلطات المحلية.
- طبقا للتشريعات المدنية في المجتمعات الغربية الحديثة تحظى جميع منظمات القطاع الثالث بالشخصية الاعتبارية إضافة إلى ضرورة الحصول على إذن السلطة الإدارية المختصة عند التأسيس والاستثمار لها.
- القيام على أساس مبادرات أهلية والاعتماد على التمويل الذاتي والتمتع بالاستقلال الإداري فضلا عن تعدد الأنشطة والأعمال والمشروعات.
3 - مجالات نشاط المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الخيرية:
تعمل المؤسسات والمنظمات غير الحكومية من أجل تحقيق أهدافها من خلال قيامها بنشاطات ذات النفع العام في مجالات عدة ، خيرية وصحية وتعليمية وترفيهية ورياضية ودينية، تشكل في مجموعها المجال الحيوي للنشاط التطوعي والخيري , حيث تنتج الخدمات وتساهم أحيانا في إنتاج السلع في جو لا تجاري ولا ربحي , كما تؤمن هذه المنظمات بيئة منظمة للعمل الإنساني، يعمل فيها الناس باختيارهم الخاص وأحيانا متطوعين بإرادتهم مستقلين عن الإدارة الحكومية , ويؤمنون الخدمات والتدريب والخبرات ضمن إستراتيجية عمل تلقائي تطوعي ذاتي التنظيم. وتختلف مجالات نشاط عمل المنظمات غير الحكومية باختلاف أهدافها ووسائلها واهتماماتها , ذلك أنها تركز على عدد كبير من الاهتمامات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والبيئة والإنسانية على اختلاف أنواعها ,كذلك منها من يتوزع نشاطها محليا ومنها من يتوسع خارج الحدود الوطنية، ومنها من يكون نشاطها عالميا . [13]
إن المطالعة في أدبيات العمل الخيري والتطوعي، تشير إلى أن التزايد العددي الهائل في عدد المنظمات غير الحكومية في العقدين الأخيرين من القرن الماضي صاحبه تنوع في الوظائف والأدوار والأنشطة الإنمائية التي تضطلع بها المنظمات غير الحكومية، فبالإضافة إلى الأنشطة الإنمائية الأساسية كالصحة والتعليم وتوفير الحاجات الإنسانية الأساسية ،أصبحت المنظمات غير الحكومية تهتم بقضايا جديدة مثل البيئة والعدالة الاجتماعية والمرأة وحقوق الإنسان ،ونشر القيم الديموقراطية ،والمشاركة من جانب الأفراد في عملية اتخاذ القرارات في تحديد احتياجاتهم التنموية .
4- تمويل المنظمات غير الحكومية
يعتبر التمويل عصب الحياة للمنظمات غير الحكومية، فكلما أمكن التغلب على مشكلة شح الموارد المالية وتوفيرها من مصادرها المختلفة، كلما استطاعت هذه المنظمات أن تحقق الدور المنوط بها ولقد أثبتت كثير من الدراسات الميدانية التي طبقت على المنظمات غير الحكومية أن مشكلة التمويل هي من أهم المشاكل التي تعاني منها هذه المنظمات.
وبصورة عامة يتم تمويل المنظمات من ثلاث مصادر أساسية تتمثل في التمويل العام (حكومي)والتمويل الذاتي من خلال مساهمات واشتراكات الأعضاء والهبات والوصايا إضافة إلى ممارسة الأنشطة المولدة للدخل .أما المصدر التمويلي الثالث فهو التمويل الخارجي ممثلا في معونات نقدية أو عينية،تقدمها دول أو منظمات. [14]
إن تحليل البيانات المالية للمؤسسات غير الحكومية والتطوعية يكشف أن هناك تنوعا في مصادر تمويلها و مكونات دخلها،وللتعرف على مصادر تمويل هذه المنظمات و الجمعيات الخيرية ومكونات دخلها .نورد ملخصا لمكونات دخلها ورد بدراسة حول اتجاهات الخير عام 1993 في بريطانيا حيث تناولت الدراسة تحليلا لإيرادات ومصروفات أكثر من 500 جمعية خيرية ومؤسسة وقفية. [15]
- مكونات الدخل :
- الدخل التطوعي.
- التركات .
- العطاء المخطط من خلال عقود الهبة .
- النداءات المذاعة في الإذاعة المحلية .
- المتاجر الخيرية.
- الدخل غير التطوعي الناتج عن التجارة و بيع البضائع و الخدمات.
- التجارة،فقد حقق الوقف الوطني (national trust) عائد من أنشطته قدر بـ 7 ملايين جنيه عام 1991/1992 .
- بيع السلع و الخدمات .
- الرسوم و المنح و التي تقدمها الحكومة و إداراتها المحلية.
- المجموعة الأوروبية.
- الاستثمارات .
- المتبرعون :
- الشركات : حيث تقدم تبرعات في شكل رعاية (sponsorship) أو انتداب موظفين أو الدخول بأعمال مشتركة مع جمعيات غير حكومية أو استقطاعات من بطاقات الائتمان وقد كانت شركة (British telecom) أكثر الشركات كرما عام 91/92 بدعم إجمالي قدره 14,6 مليون جنيه في شكل تبرعات نقدية.
- الاستقطاعات من الراتب: حيث اشترك في هذا البرنامج 308195 موظفا خلال عام1993.
- القطاع العام: و يشمل تبرعات الحكومة المركزية و السلطات المحلية.
- المؤسسات الوقفية المانحة: Grant Making Trusts : قدمت هذه المؤسسات للنشاط الخيري منحا بمبلغ إجمالي 213,9 مليون جنيه عام 1992.
- المؤسسات الوقفية الجماعية: Community trusts : تقوم هذه المؤسسات الوقفية الجماعية بجمع الأموال للصناديق الوقفية و التي تقوم بدورها بتقديم منحا لجماعات معينة
ففي عام 1993 قدمت هذه المؤسسات منحا بلغت 2,4 مليون جنيه.
ثالثا : المنظمات غير الحكومية و عولمة النشاط الخيري و التطوعي:
1 العولمة مفهومها أبعادها ومظاهرها :
يرجع بعض المفكرين أصل مصطلح العولمة إلى(Globalization ) إلى تنبؤات عالم الاتصال "مارشال مالكوهان " من أن العالم أصبح بفضل تطور تكنولوجيا الاتصال قرية كونية ، حيث تتصل الشعوب ببعضها في كل أوجه حياتها،ثقافيا و سياسيا واقتصاديا وتقانيا وبيئيا.[16]
ولقد أصبحت العولمة من أبرز الظواهر في التطور العالمي على المستويات الاقتصادي ,والثقافي ,والاجتماعي ,والسياسي. أما مفهومها فقد اتسم بالغموض والتعقيد وتباين الآراء حوله , نظرا لتباين المصالح واختلاف زاوية الرؤية وتعدد الأبعاد .
فصندوق النقد الدولي عرف العولمة في تقرير (آفاق الاقتصاد العالمي )لسنة 1997,بأنها تزايد الاعتماد الاقتصادي المتبادل بين العالم بوسائل منها ,زيادة حجم وتنوع معاملات السلع والخدمات عبر الحدود ,والتدفقات الرأسمالية الدولية ,وكذلك من خلال سرعة ومدى انتشار التكنولوجيا
أما" فتح الله ولعلو "فيعتبر العولمة تعجيلا وترسيخا لظاهرة التدويل من خلال تغير نوعي لهذه الأخيرة ولارتفاع في وتيرة الحركة الدولية ضمن تضاعف وتكثيف للمنافسة ".[17]
أما "جورج لودج"فيعرف العولمة في كتابه "إدارة العولمة "بأنها العملية التي من خلالها تصبح شعوب العالم متصلة ببعضها في كل أوجه حياتها ,ثقافيا واقتصاديا وسياسيا وبيئيا .[18]
أما المفكر الفرنسي المسلم "روجيه غارودي" فيرى أن العولمة ماهي إلا أمركة السياسة ,ودين الغرب الجديد الذي يدعو لوحدانية السوق والربح السريع[19] ,فأمريكا تحاول ترسيخ مفاهيمها عالميا واختراق الآخر عبر مؤسسات كثيرة على رأسها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي والمنظمات غير الحكومية دولية النشاط.
في ضوء هذه المفاهيم يمكن القول أن مفهوم العولمة يتجاذبه تياران الأول يرى أن العولمة عملية تبادل وتدويل المنافع بين الأمم وزيادة الاتصال بين شعوب العالم التيار أما الثاني فيرى العولمة هيمنة أمريكية على العالم.
وكظاهرة فإن العولمة تنطوي على عدة أبعاد تتمثل في العولمة الاقتصادية والعولمة العسكرية،إضافة إلى العولمة البيئية والعولمة الثقافية والاجتماعية. أما مظاهر العولمة فهي تتجلى بالمظاهر الآتية :[20]
اتساع نشاط الرأسمالية متعددة الجنسيات وتنامي قوتها في محاولة تحويل العالم لسوق عالمية واحدة خاضعة لنشاطها وسيطرتها ,حيث تتحكم في تدفقات وتحركات رؤوس الأموال والأسهم العالمية .
- تقويض وتغيير دور الدولة الاقتصادي والسياسي والاجتماعي,وإضعاف فاعلية السياسات الاقتصادية الوطنية بما يؤثر على صناعة القرار الاقتصادي والسياسي .
_ التحرير شبه المطلق لحركة السلع والخدمات ورؤوس الأموال.
- عولمة السوق الاستهلاكية وعولمة العرض والطلب.
- تزايد درجات الارتباط والتشابك في الاقتصاد الدولي مع إهمال البعد الاجتماعي
- الكثافة المتزايدة للاتصالات،والسرعة المتزايدة لعملية بناء المؤسسات والمشاركة عبر القومية المتزايدة .[21]
- بروز دور أقوى للمجتمع المدني ومنظما ته باعتباره إحدى ركائز الديموقراطية.
2- تطور الأنشطة الإنمائية للمنظمات غير الحكومية :
أشار تقرير التنمية العالمية 1999-2000، الصادر عن البنك الدولي، إلى أن التنمية مرهونة بالمؤسسات الفاعلة و المتطورة و التي سوف تقع عليها مسؤولية تهيئة البيئة العالمية الملاءمة لتطبيق إجراءات العولمة، حيث أنيطت هذه المسؤولية بالمنظمات غير الحكومية الدولية، مما يعني حدوث تغيرات هامة في التوجهات الاستراتيجية لهذه المنظمات، و اقتحام مجالات حيوية كانت من احتكار الحكومات والمنظمات الدولية والإقليمية الرسمية ،إضافة إلى تبني قضايا واهتمامات نوعية كالبيئة وحقوق الإنسان والحريات السياسية والأسرة والمرأة ونشر القيم الديموقراطية وغيرها.
فالدراسات الدولية و المقارنة، تشير أن المنظمات التطوعية و غير الحكومية مرت بثلاث مراحل شكلت وقفا لـ"كورتن""Korten"، أجيالا ثلاثة مختلفة في توجهاتها الإستراتيجية،كانت استجابة لتحديات و مستجدات اجتماعية و اقتصادية سادت الساحة المحلية و الدولية و التي فرضت على هذه المنظمات أدوارا جديدة و توجهات استراتيجية في العمل الخيري والتطوعي،كانت على النحو التالي:[22]
2-1- الإغاثة و الرعاية:
ركزت منظمات الجيل الأول مثل منظمات الرعاية (care) و الرؤية العالمية world vision في بدايتها على تقديم خدمات الرعاية للفقراء و لغير المحظوظين في بقاع العالم و كذلك الكوارث الطبيعية و أوضاع اللاجئين المتصلة بالفيضانات و المجاعات و الحروب ، كما اهتمت بتوفير الحاجيات الظرفية كتوزيع الغذاء و إرسال الغرف الصحية و توفير المأوى ، و كل هذه الأعمال يتم تمويلها من التبرعات الخاصة و الأسر الراعية لهذه المنظمات.
2-2- التنمية المحلية المعتمدة على الذات و صغيرة الحجم:
في أواخر السبعينيات من القرن الماضي قام العديد من المنظمات غير الحكومية بتنفيذ مشاريع وفق أسلوب تنمية المجتمع المحلي في مجالات متنوعة ،حيث تميز هذا الأسلوب عن أعمال الإغاثةو الرعاية بميزة أساسية، وهي تأكيد الاعتماد على الذات ،مع تعمد أن تستمر منافع المشروع لما بعد فترة تقديم المنظمة غير الحكومية للمساعدة.إضافة إلى هذا بدأ العامل الاقتصادي يدخل ضمن أعمال هذه المنظمات حيث كان يطلق عليها شبكة الأعمال الصغيرة [23]،أي أن نشاط المنضمات غير الحكومية في هذا الإطار ركز على المشاريع التي تؤدي إلى زيادة القدرة المحلية على مواجهة الاحتياجات ،والسيطرة على الموارد الضرورية لتحقيق التنمية المتواصلة.[24]
2-3- تنمية الأنظمة المستدامة:
اهتمت مجموعات من المنظمات غير الحكومية بإعادة تقييم القضايا الإستراتيجية المتصلة بسياسة الديمومة sustainability والانتشارBreadth والأثرImpact و استعادة المصاريف الجارية Recurrent cost recovery . وقد أسفر هذا التقييم على أن عمل المنظمات غير الحكومية بمفردها لن ترجى منه فائدة كبيرة ما لم يعضده ارتباط بالمنظمات العامة والخاصة، حيث بدأت أعداد من المنظمات الحكومية تدرك أنها تحتاج إلى بذل جهد قيادي في معالجة جوانب الفشل التشغيلي في بيئة المؤسسات في المناطق التي تعمل فيها .
فهذا الجيل من المنظمات غير الحكومية يعمل على طرح وتطوير السياساتو النظم المؤسسية التي تعمل في إطارها لتحقيق التنمية المستدامة، والتي ترتكز على الإنسان ،ووفقا لـ "كورتن" "Korten" فإن الاستراتيجية الإنمائية التي محورها الأفراد تقوم على احتياجات الأفراد وحقوق الأفراد ،خاصة الأكثر فقرا والأقل حظا في المجتمع ،وهذه الاستراتيجية تتطلب ديمقراطية صنع القرار والمشاركة الكاملة من جانب الأفراد في صياغة إحتياجاتهم الإنمائية,كما تعطي هذه الاستراتيجية أهمية لحماية البيئة التي من شأنها دعم الحياة المستدامة للأفراد خاصة الفقراء والمرأة والجماعات المحلية.[25]
3- نمو و انتشار المنظمات غير الحكومية وتوسع نشاطاتها عبر الحدود:
لقد نمت المنظمات غير الحكومية في العقد المنصرم، وزاد عدد أعضائها ،وتنوعت فئاتها ومستويات عملها،وازدادت تشابكا واتصالا عبر الحدود الدولية.ابتدءا من منظمات شعبية محدودة الامكانات والموارد إلى منظمات دولية ضخمة ،ذات نفوذ كبير وتمويل متوسط كمنظمة العفو الدولية إلى منظمات عالمية أكبر، مثل السلام الأخضر،التي تقدر ميزانيتها السنوية بحوالي 400 مليون دولار. [26]
فخلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي تضاعف عدد المنظمات غير الحكومية العالمية أربع مرات, فقد أشار تقرير الأمم المتحدة نشر في سنة1995، بشأن إدارة الحكم عالميا إلى أن هناك ما يقرب من 29000 منظمة دولية غير حكومية، أما المحلية فقد نمت أعدادها بسرعة أكبر. [27]
ففي الولايات المتحدة الأمريكية ازداد عدد المنظمات بنسبة 70% ليصل العدد إلى 2000000 منظمة، وفي روسيا هناك ما يقارب من 65000 منظمة , وفي الهند هناك أكثر من مليون منظمة تطوعية مسجلة , وأكثر من 200000 منظمة غير حكومية في السويد ، وأكثر من 210000 منظمة في البرازيل , أما في إفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية فهناك أكثر من 50.000 منظمة , وفي كينيا مثلا ينشأ كل سنة ما لا يقل عن 240 منظمة غير حكومية .
أما فيما يخص إنشاء المنظمات غير الحكومية في معظم دول الجنوب، فيتم بالتعاون مع المنظمات العالمية والهيئات الدولية ، حيث تساهم الأمم المتحدة في قيام هذه المنظمات بالتمويل والدعم كما ساهمت في ربط بعضها البعض , وهكذا أصبحت المنظمات غير الحكومية أحد الأدوات التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة ويدها الطولى في تنفيذ سياستها للتغيير في دول العالم، خاصة في العالم الثالث.
إضافة إلى هذا فإن المنظمات التمويلية العالمية، وكثير من الحكومات الغربية،تجد الثقة في المنظمات غير الحكومية لتمويل برامجها ، في حين أنها تشكك في مصداقية الحكومات وكفاءة استثمارها للأموال المقدمة لها في تحقيق برامجها[28]، بل أن المنظمات غير الحكومية بدأت تعمل في الكثير من الأحيان بدلا عن الوكالات الدولية للتنمية والإغاثة في حالات الطوارئ، فمعظم المواد الغذائية التي قدمها برنامج الغذاء العالمي (WFP) إلى " ألبانيا" سنة1999 تم توزيعها عن طريق منظمات غير حكومية.
أما في إفريقيا،فقد حولت الدول الغربية مساعدتها إلى المنظمات غير الحكومية،فالمساعدات الأمريكية البالغة (711) مليون دولار سنة 1999،تذهب يشكل متزايد إلى المنظمات غير الحكومية من خلال منظمة (USA AID)،وبين عامي 1990-1994 ارتفعت نسبة مساعدات الإغاثة التي يقدمها الإتحاد الأوربي عن طريق المنظمات غير الحكومية، من47 % إلى 67 %.[29]
واستجابة لتزايد الطلب العالمي على خدمات هذه المنظمات وتوسع أنشطتها وتنوع اهتماماتها وأهدافها , فقد رصدت لها أموال ضخمة ، حيث قدمت هذه المنظمات ما مجموعه عشرة ملايـير دولار من أصل 60 مليار دولار مساعدات عبر البحار ،و أصبحت هذه المنظمات تؤتمن على مبالغ كبيرة يتم توزيعها عبر العالم.
إن هذا الانتشار والتوسع في إنشاء المنظمات غير الحكومية، والاهتمام المتزايد بها ودعمها، ولد توسعا في اهتماماتها وأنشطتها,حيث ظهرت أنواع جديدة من المنظمات غير الحكومية تركز على الممارسات الديموقراطية وحقوق الإنسان و الرأي العام ,وشؤون المرأة وحقوق الاقتراع ومراقبة الانتخابات والتغير السياسي،بل وصل الأمر إلى المطالبة بالتدخل الأجنبي .[30]
4- المنظمات غير الحكومية وعلاقتها بالحكومات المركزية :
في الوقت الذي تجري فيه إعادة نظر في دور الدولة، وحدود تدخلها وتقليص سلطتها كجزء من إجراءات عملية العولمة خاصة في بعدها الاقتصادي , فإن هناك اهتمام عالمي ونزعة نحو تقوية المنظمات والمؤسسات غير الحكومية المحلية والإقليمية والدولية ،وإنمائها وإعطائها أدوارا مؤثرة على مراكز اتخاذ القرارات السياسية والاقتصادية حتى شمل نفوذها القرى والمدن والأحياء متخطية سيادة الدولة،الأمر الذي جعل مؤسسو منظمة أطباء بدون حدود" MSF"،يؤكدون أن جميع المنظمات غير الحكومية الدولية بحكم التعريف تنتهك وتدمر سلطة الدولة.[31]
ونظرا لهذا النفوذ والأهمية المتزايدة للمنظمات غير الحكومية، أصبحت الحكومات تعتمد عليها خاصة في الأنشطة التي كانت من اختصاص الحكومات ، ذلك أن هذه المنظمات تستطيع التحرك بسهولة ويسر متخطية الحواجز البيروقراطية .
وبزيادة الانفتاح والتنسيق بين الحكومات والمنظمات التطوعية ،تزداد قدرتها على العطاء وتقديم المنافع ،وذلك من خلال ما تتلقاه هذه الأخيرة من أموال مصدرها الحكومة،وهذا ما يطرح مشكلة عدم تكافؤ العلاقة،والتي تصبح في الغالب علاقة تبعية، نظرا لأن المنظمات غير الحكومية ومن أجل استمرار الدعم الحكومي قد تكيف مصالحها وفقا لما تراها الجهة الحكومية الممولة.
بل أن هناك من يرى أن مكمن الخطر في هذا النوع من العلاقة بين الحكومة والمنظمات غير الحكومية يتمثل في أن هذه المنظمات يأتي يوم تصبح فيه جزء من الآلة السياسية، همها ليس الدفاع عن حقوق المستضعفين أو العمل التنموي الخيري وإغاثة المنكوبين ، ولكن دعم السلطة الحاكمة وموالاتها،بل أن المنظمات غير الحكومية نفسها قد تنقسم إلى معسكرات سياسية وجماعات ضغط متنافسة،كل منها يناور من أجل الحصول عل المزيد من المنافع، والأسوأ من ذلك أن تصبح هذه المنظمات بمثابة دمى في أيدي الدول والمؤسسات المانحة ،لتحقيق أهداف تتعارض وتتناقض مع مهامها وأهدافها.
كما أنه في أحيان كثيرة خاصة في البلدان النامية، تجد هذه المنظمات صعوبة في التعامل مع الحكومات، التي ترى فيها منافسا ومزاحما في سلطتها وسيادتها، وخوفا من القمع الحكومي تتحاشى بعض هذه المنظمات الظهور في مظهر التحدي للحكومة ،فمن أجل تخفيف حدة التوتر بين الحكومات والمنظمات غير الحكومية،تلجأ هذه الأخيرة إلى تأييد المواقف الحكومية بشان قضايا عالمية معينة خاصة بشان التجارة الدولية، والحوار بين الشمال والجنوب بشأن السكان والبيئة، ،حيث يشارك العديد من هذه المنظمات كجزء من الوفد الحكومي في الاجتماعات الدولية لصياغة الرؤى المشتركة وتوحيد المواقف. [32]
و من الانتقادات أيضا الموجهة لهذه المنظمات , هي اتخاذها من المنظمة غطاء ووسيلة لجمع المال ,فهذه المنظمات تعتمد في ممارسة نشاطها على ما تحصل عليه من دعم وتبرعات من جهات حكومية وخيرية وأفراد وشركات ,وكثيرا ما تعتمد هذه المنظمات في جمع المال على الجانب الإعلامي و الدعائي لنشاطها ,ولا أدل على ذلك سعي بعض المنظمات غير الحكومية إلى القيام بحملات جديدة والحصول على تمويل جديد بعد انفراج الأزمة التي أنشئت من أجلها.[33]
الموضوعالأصلي : المنظمات غير الحكومية و دورها في عولمة النشاط الخيري و التطوعي // المصدر :