أهلا وسهلا بك إلى منتديات طيبة الجزائرية.
أهلا وسهلا بك زائرنا الكريم، إذا كانت هذه زيارتك الأولى للمنتدى، فيرجى التكرم بزيارة صفحة التعليمـــات، بالضغط هنا.كما يشرفنا أن تقوم بالتسجيل بالضغط هنا إذا رغبت بالمشاركة في المنتدى، أما إذا رغبت بقراءة المواضيع والإطلاع فتفضل بزيارة القسم الذي ترغب أدناه.

الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

منتديات طيبة الجزائرية :: ¨‘°?O المنتديات الدينية O?°‘¨ :: المنتـــــــدى الإسلامي العام

صفحات الموضوعانتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3
شاطر

من يعرف قصصهم ........ - صفحة 3 Emptyالسبت 12 فبراير 2011 - 18:14
المشاركة رقم:
مشرفة منتديات الثقافة و الأدب
 مشرفة منتديات الثقافة و الأدب

المقاتلة

إحصائيةالعضو

مُساهمةموضوع: من يعرف قصصهم ........


من يعرف قصصهم ........


تذكير بمساهمة فاتح الموضوع :

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله

وعلى آله وصحبه أجمعين

اما بعد

خطرت ببالي فكرة

كلنا نعرف الانبياء و الرسل

اذا فليكتب كل عضو اسما

يعرفه لواحد منهم

ثم العضو الذي يليه

يقص علينا ما يعرف

عنه و هكذا تكون لدينا

موسوعة للانبياء و الرسل

عليهم السلام

ارجو التفاعل




 الموضوعالأصلي : من يعرف قصصهم ........ // المصدر : منتديات طيبة الجزائرية // الكاتب:المقاتلة


توقيع : المقاتلة





من يعرف قصصهم ........ - صفحة 3 Emptyالأربعاء 29 يونيو 2011 - 20:31
المشاركة رقم:
مشرفة قسم الثقافة العامة
 مشرفة قسم الثقافة العامة

avatar

إحصائيةالعضو

مُساهمةموضوع: رد: من يعرف قصصهم ........


من يعرف قصصهم ........


قصة هود عليه السلام
وهو هود بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح عليه السلام
ويقال
إن هوداً هو عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح ، ويقال هود بن عبد
الله ابن رباح الجارود بن عاد بن عوص بن إرم ابن سام ابن نوح عليه السلام
ذكره ابن جرير
وكان
من قبيلة يقال لهم عاد بن عوص بن سام بن نوح ، وكانوا عرباً يسكنون
الأحقاف - وهي جبال الرمل - وكانت باليمن بين عمان وحضرموت ، بأرض مطلة على
البحر يقال لها الشحر واسم واديهم مغيث
وكانوا
كثيراً ما يسكنون الخيام ذوات الأعمدة الضخام ، كما قال تعالى : " ألم تر
كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد " أي
مثل القبيلة ، وقيل مثل العمد والصحيح الأول كما بيناه في التفسير
ومن
زعم أن إرم مدينة تدور في الأرض ، فتارة في الشام ، وتارة في اليمن ،
وتارة في الحجاز ، وتارة في غيرها ، فقد أبعد النعجة ، وقال ما لا دليل
عليه ، ولا برهان يعول عليه ولا مسند يركن إليه
وفي
صحيح ابن حبان عن أبي ذر في حديثه الطويل في ذكر الأنبياء والمرسلين قال
فيه : منهم أربعة من العرب : هو ، وصالح ، وشعيب ، ونبيك يا أبا ذر
ويقال
إن هوداً عليه السلام أول من تكلم بالعربية ، وزعم وهب ابن منبه أن أباه
أول من تكلم بها ، وقال غيره ك أو من تكلم بها نوح ، وقيل آدم وهو الأشبه ،
وقيل غير ذلك والله أعلم
ويقال
للعرب الذين كانوا قبل إسماعيل عليه السلام ، العرب العاربة ، وهم قبائل
كثيرة : منهم عاد ، وثمود وجرهم ، وطسم ، وجديس ، وأميم ، ومدين ، وعملاق ،
وجاسم ، وقحطان ، وبنو يقطن ، وغيرهم
وأما
العرب المستعربة فهم من ولد إسماعيل بن إبراهيم الخليل وكان إسماعيل بن
إبراهيم عليهما السلام أول من تكلم العربية الفصيحة البلغية وكان قد أخذ
كلام العرب من جرهم الذي نزلوا عند أمه هاجر بالحرم كما سيأتي بيانه في
موضعه إن شاء الله تعالى ، ولكن أنطقه الله بها في غاية الفصاحة والبيان
وكذلك كان يتلفظ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم

* * *
والمقصود أن عاداً - وهم عاد الأولى - كانوا أول من عبد الأصنام بعد الطوفان ، وكانت أصنامهم ثلاثة صمداً ، وصموداً ، وهراً
فبعث
الله فيهم أخاهم هوداً عليم السلام فدعاهم إلى الله ، كما قال تعالى بعد
ذكر قوم نوح ، وما كان من أمرهم في سورة الأعراف : " وإلى عاد أخاهم هودا
قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقون * قال الملأ الذين
كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة وإنا لنظنك من الكاذبين * قال يا قوم ليس
بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين * أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح
أمين * أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم لينذركم واذكروا إذ
جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة فاذكروا آلاء الله لعلكم
تفلحون * قالوا أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا بما
تعدنا إن كنت من الصادقين * قال قد وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني
في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني
معكم من المنتظرين * فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين
كذبوا بآياتنا وما كانوا مؤمنين "
قال
تعالى بعد ذكر قصة نوح في سورة هود : " وإلى عاد أخاهم هودا قال يا قوم
اعبدوا الله ما لكم من إله غيره إن أنتم إلا مفترون * يا قوم لا أسألكم
عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون * ويا قوم استغفروا ربكم
ثم توبوا إليه يرسل السماء عليكم مدرارا ويزدكم قوة إلى قوتكم ولا تتولوا
مجرمين * قالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما
نحن لك بمؤمنين * إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء قال إني أشهد الله
واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون * إني
توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن ربي على صراط
مستقيم * فإن تولوا فقد أبلغتكم ما أرسلت به إليكم ويستخلف ربي قوما غيركم
ولا تضرونه شيئا إن ربي على كل شيء حفيظ * ولما جاء أمرنا نجينا هودا
والذين آمنوا معه برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ * وتلك عاد جحدوا بآيات
ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبار عنيد * وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة
ويوم القيامة ألا إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود "
وقال
تعالى في سورة قد أفلح المؤمنون بعد قصة قوم نوح : " ثم أنشأنا من بعدهم
قرنا آخرين * فأرسلنا فيهم رسولا منهم أن اعبدوا الله ما لكم من إله غيره
أفلا تتقون * وقال الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة
وأترفناهم في الحياة الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه
ويشرب مما تشربون * ولئن أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون * أيعدكم أنكم
إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون * هيهات هيهات لما توعدون * إن هي
إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين * إن هو إلا رجل افترى على
الله كذبا وما نحن له بمؤمنين * قال رب انصرني بما كذبون * قال عما قليل
ليصبحن نادمين * فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين "
وقال
تعالى في سورة الشعراء بعد قصة قوم نوح أيضاً : " كذبت عاد المرسلين * إذ
قال لهم أخوهم هود ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون *
وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلا على رب العالمين * أتبنون بكل ريع آية
تعبثون * وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون * وإذا بطشتم بطشتم جبارين * فاتقوا
الله وأطيعون * واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون * أمدكم بأنعام وبنين * وجنات
وعيون * إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم * قالوا سواء علينا أوعظت أم لم تكن
من الواعظين * إن هذا إلا خلق الأولين * وما نحن بمعذبين * فكذبوه
فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز
الرحيم "
وقال
تعالى في سورة حم السجدة : " فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق
وقالوا من أشد منا قوة أولم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة
وكانوا بآياتنا يجحدون * فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات لنذيقهم
عذاب الخزي في الحياة الدنيا ولعذاب الآخرة أخزى وهم لا ينصرون "
وقال
تعالى في سورة الأحقاف : " واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت
النذر من بين يديه ومن خلفه أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم
عظيم * قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من
الصادقين * قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما
تجهلون * فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما
استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم * تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى
إلا مساكنهم كذلك نجزي القوم المجرمين " وقال تعالى في الذاريات : " وفي
عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم * ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته
كالرميم "
وقال
تعالى في النجم : " وأنه أهلك عادا الأولى * وثمود فما أبقى * وقوم نوح من
قبل إنهم كانوا هم أظلم وأطغى * والمؤتفكة أهوى * فغشاها ما غشى * فبأي
آلاء ربك تتمارى "
وقال
تعالى في سورة اقتربت : " كذبت عاد فكيف كان عذابي ونذر * إنا أرسلنا
عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر * تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر *
فكيف كان عذابي ونذر * ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر "
وقال
في الحاقة : " وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية * سخرها عليهم سبع ليال
وثمانية أيام حسوما فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية * فهل ترى
لهم من باقية"
وقال
في سورة الفجر : " ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات العماد * التي لم
يخلق مثلها في البلاد * وثمود الذين جابوا الصخر بالواد * وفرعون ذي
الأوتاد * الذين طغوا في البلاد * فأكثروا فيها الفساد * فصب عليهم ربك سوط
عذاب * إن ربك لبالمرصاد "
وقد تكلمنا على كل من هذه القصص في أمكانها من كتابنا التفسير ولله الحمد والمنة
وقد جرى ذكر عاد في سورة براءة ، وإبراهيم ، والفرقان ، والعنكبوت ، وفي سورة ص ، وفي سورة ق

* * *
ولنذكر مضمون القصة مجموعاً من هذه السياقات ، مع ما يضاف إلى ذلك من الأخبار
وقد
قدمنا أنهم أول الأمم الذين عبدوا الأصنام بعد الطوفان وذلك بين قوله لهم
: " واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد قوم نوح وزادكم في الخلق بسطة " أي
جعلهم أشد أهل زمانهم في الخلقة والشدة والبطش وقال في المؤمنون : " ثم
أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين " وهم قوم هود على الصحيح
وزعم
آخرون أنهم ثمود لقوله : " فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء " قالوا :
وقوم صالح هم الذين أهلكوا بالصيحة " وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية "
وهذا الذي قالوه لا يمنع من اجتماع الصيحة والريح العاتية عليهم كما سيأتي
في قصة أهل مدين أصحاب الأيكة فإنه اجتمع عليهم أنواع من العقوبات ، ثم لا
خلاف أن عاداً قبل ثمود
والمقصود
أن عاداً كانوا جفاة كافرين ، عتاة متمردين في عبادة الأصنام ، فأرسل الله
فيهم رجلاً منهم يدعوهم إلى الله وإلى إفراده بالعبادة والإخلاص له ،
فكذبوه وخالفوه وتنقصوه ، فأهذهم الله أخذ عزيز مقتدر
فلما
أمرهم بعبادة الله ورغبهم في طاعته وإستغفاره ، ووعدهم على ذلك خير الدنيا
والآخرة ، وتوعدهم على مخالفة ذلك عقوبة الدنيا والآخرة : " قال الملأ
الذين كفروا من قومه إنا لنراك في سفاهة " أي هذا الأمر الذي تدعونا إليه
سفه بالنسبة إلى ما نحن عليه من عبادة هذه الأصنام التي يرتجى منها النصر
والرزق ، ومع هذا نظن أنك تكذب في دعواك أن الله أرسلك
" قال
يا قوم ليس بي سفاهة ولكني رسول من رب العالمين " أي ليس الأمر كما تظنون
ولا تعتقدون : " أبلغكم رسالات ربي وأنا لكم ناصح أمين " والبلاغ يستلزم
عدم الكذب في أصل المبلغ ، وعدم الزيادة فيه والنقص منه ، ويستلزم أداءه
بعبارة فصيحة وجيزة جامعة مانعة لا لبس فيها ولا اختلاف ولا اضطراب
وهو
مع هذا البلاغ على هذه الصفة في غاية النصح لقومه والشفقة عليهم والحرص
على هدايتهم ، ولا يبتغي منهم أجراً ولا يطلب منهم جعلاً ، بل هو مخلص لله
عز وجل في الدعوة إليه والنصح لخلقه ، لا يطلب أجره إلا من الذي أرسله ،
فإن خير الدنيا والآخرة كله في يديه وأمره إليه ، ولهذا قال : " يا قوم لا
أسألكم عليه أجرا إن أجري إلا على الذي فطرني أفلا تعقلون " أي أما لكم عقل
تميزون به وتفهمون أني أدعوكم إلى الحق المبين الذي تشهد به فطركم التي
خلقتم عليها ، وهو دين الحق الذي بعث الله به نوحاً وأهلك من خالفه من
الخلق وها أنا أدعوكم إليه ولا أسألكم أجراً عليه ، بل أبتغي ذلك عند الله
مالك الضر والنفع ، ولهذا قال مؤمن يس : " اتبعوا من لا يسألكم أجرا وهم
مهتدون * وما لي لا أعبد الذي فطرني وإليه ترجعون
وقال قوم هود له فيما قالوا : " يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي
آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين * إن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء "
يقولون ما جئتنا بخارق يشهد لك بصدق ما جئت به ، ، وما نحن بالذين نترك
عبادة أصنامنا عن مجرد قولك بلا دليل أقمته ولا برهان نصبته ، وما نظن إلا
أنك مجنون فيما تزعمه وعندنا أنه إنما أصابك هذا لأن بعض آلهتنا غضب عليك
فأصابك في عقلك فاعتراك جنون بسبب ذلك ، وهو قولهم : " إن نقول إلا اعتراك
بعض آلهتنا بسوء "
" قال إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون * من دونه فكيدوني جميعا ثم لا تنظرون "
وهذا
تحد منه لهم ، وتبرأ من آلهتهم وتنقص منه لهم ، وبيان أنها لا تنفع شيئاً
ولا تضر ، وأنها جماد حكمها حكمه وفعلها فعله ، فإن كانت كما تزعمون من
أنها تنصر وتنفع وتضر فها أنا بريء منها ، لاعن لها ، فكيدوني ثم لا تنظرون
أنتم جميعاً بجميع ما يمكنكم أن تصلوا إليه وتقدروا عليه ، ولا تؤخروني
ساعة واحدة ، ولا طرفة عين فإني لا أبالي بكم ، ولا أفكر فيكم ، ولا أنظر
إليكم " إني توكلت على الله ربي وربكم ما من دابة إلا هو آخذ بناصيتها إن
ربي على صراط مستقيم " أي أنا متوكل على الله ومتأيد به ، وواثق بجنابه
الذي لا يضيع من لاذ به واستند إليه ، فلست أبالي مخلوقاً سواه ، لست أتوكل
إلا عليه ولا أعبد إلا إياه
وهذا
وحده برهان قاطع على أن هوداً عبد الله ورسوله ، وأنهم على جهل وضلال في
عبادتهم غير الله ، لأنهم لم يصلوا إليه بسوء ، ولا نالوا منه مكروهاً فدل
على صدقه فيما جاءهم به ، وبطلان ما هم عليه وفساد ما ذهبوا إليه
وهذا
الدليل بعينه قد استدل به نوح عليه السلام قبله في قوله : " يا قوم إن كان
كبر عليكم مقامي وتذكيري بآيات الله فعلى الله توكلت فأجمعوا أمركم
وشركاءكم ثم لا يكن أمركم عليكم غمة ثم اقضوا إلي ولا تنظرون "
وهكذا
قال الخليل عليه السلام : " ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا
وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون * وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم
أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم
تعلمون * الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون *
وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم "
" وقال
الملأ من قومه الذين كفروا وكذبوا بلقاء الآخرة وأترفناهم في الحياة
الدنيا ما هذا إلا بشر مثلكم يأكل مما تأكلون منه ويشرب مما تشربون * ولئن
أطعتم بشرا مثلكم إنكم إذا لخاسرون * أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا
وعظاما أنكم مخرجون "
استبعدوا
أن يبعث الله رسولاً بشرياً وهذه الشبهة أدلى بها كثير من جهلة الكفرة
قديماً وحديثاً ، كما قال تعالى : " أكان للناس عجبا أن أوحينا إلى رجل
منهم أن أنذر الناس " وقال تعالى : " وما منع الناس أن يؤمنوا إذ جاءهم
الهدى إلا أن قالوا أبعث الله بشرا رسولا * قل لو كان في الأرض ملائكة
يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكا رسولا "
ولهذا
قال لهم هود عليه السلام : " أوعجبتم أن جاءكم ذكر من ربكم على رجل منكم
لينذركم " أي ليس هذا بعجيب ، فإن الله أعلم حيث يجعل رسالته
وقوله
: " أيعدكم أنكم إذا متم وكنتم ترابا وعظاما أنكم مخرجون * هيهات هيهات
لما توعدون * إن هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين * إن هو
إلا رجل افترى على الله كذبا وما نحن له بمؤمنين * قال رب انصرني بما
كذبون " استعبدوا الميعاد وأنكروا قيام الأجساد بعد صيرورتها تراباً
وعظاماً ، وقالوا : هيهات هيهات ، أي بعيد بعيد هذا الوعد ، " إن هي إلا
حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما نحن بمبعوثين " أي يموت قوم ويحيا آخرون
وهذا هو اعتقاد الدهرية ، كما يقول بعض الجهلة من الزنادقة : أرحام تدفع
وأرض تبلع
وأما الدورية فهم الذين يعتقدون أنهم يعودون إلى هذا الدار بعد كل ستة وثلاثين ألف سنة
وهذا
كله كذب وكفر وجهل وضلال ، وأقوال باطلة وخيال فاسد بلا برهان ولا دليل ،
يستميل عقل الفجرة من بني آدم الذي لا يعقلون ولا يهتدون ، كما قال تعالى :
" ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم
مقترفون "
وقال
لهم فيما وعظهم به : " أتبنون بكل ريع آية تعبثون * وتتخذون مصانع لعلكم
تخلدون " يقول لهم : أتبنون بكل مكان مرتفع بناء عظيماً هائلاً كالقصور
ونحوها ، تعبثون ببنائها لأنه لا حاجة لكم فيه ، وما ذاك إلا لأنهم كانوا
يسكنون الخيام ، كما قال تعالى : " ألم تر كيف فعل ربك بعاد * إرم ذات
العماد * التي لم يخلق مثلها في البلاد " فعاد إرم هم عاد الأولى الذين
يسكنون الأعمدة التي تحمل الخيام
ومن زعم أن إرم مدينة من ذهب وفضة وهي تنتقل في البلاد ، فقد غلط وأخطأ وقال ما لا دليل عليه
وقوله
: " وتتخذون مصانع " قيل هي القصور ، وقيل بروج الحمام ، وقيل مآخذ الماء "
لعلكم تخلدون " أي رجاء منكم أن تعمروا في هذه الدار أعماراً طويلة " وإذا
بطشتم بطشتم جبارين * فاتقوا الله وأطيعون * واتقوا الذي أمدكم بما تعلمون
* أمدكم بأنعام وبنين * وجنات وعيون * إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم "
وقالوا
له مما قالوا : " أجئتنا لنعبد الله وحده ونذر ما كان يعبد آباؤنا فأتنا
بما تعدنا إن كنت من الصادقين " أي أجئتنا لنعبد الله وحده ، ونخالف آباءنا
وأسلافنا وما كانوا عليه ؟ فإن كنت صادقين فيما جئت به فأتنا بما تعدنا من
العذاب والنكال ، فإنا لا نؤمن بك ولا نتبعك ولا نصدقك
كما
قالوا : " سواء علينا أوعظت أم لم تكن من الواعظين * إن هذا إلا خلق
الأولين * وما نحن بمعذبين " أما على قراءة فتح ( الخاء ) فالمراد به
اختلاق الأولين ، أي إن هذا الذي جئت به إلا اختلاق منك ، أخذته من كتب
الأولين هكذا فسر غير واحد من الصحابة والتابعين وأما على قراءة ضم (
الخاء واللام ) فالمراد به الدين ، أي إن هذا الدين الذي نحن عليه إلا دين
الأولين الآباء والأجداد من الأسلاف ، ولن نتحول عنه ولا نتغير ، ولا نزال
متمسكين به
ويناسب
كلا القراءتين الأولي والثانية قولهم : " وما نحن بمعذبين " قال : " قد
وقع عليكم من ربكم رجس وغضب أتجادلونني في أسماء سميتموها أنتم وآباؤكم ما
نزل الله بها من سلطان فانتظروا إني معكم من المنتظرين " أي قد استحققتم
بهذا المقالة الرجس والغضب من الله ، أتعارضون عبادة الله وحده لا شريك له ،
بعبادة أصنام نحتموها وسميتموها آلهة من تلقاء أنفسكم ؟ اصطلحتم عليها
أنتم وآباؤكم ، ما نزل الله بها من سلطان أي لم ينزل علي ما ذهبتم إليه
دليلاً ولا برهاناً وإذ أبيتم قبول الحق وتماديتم في الباطل ، وسواء عليكم
أنهيتكم عما أنتم فيه أم لا ، فانتظروا الآن عذاب الله الواقع بكم ، وبأسه
الذي لا يرد ونكاله الذي لا يصد

* * *
وقال
تعالى : " قال رب انصرني بما كذبون * قال عما قليل ليصبحن نادمين *
فأخذتهم الصيحة بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين " وقال تعالى : "
قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأتنا بما تعدنا إن كنت من الصادقين * قال
إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكني أراكم قوما تجهلون * فلما
رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح
فيها عذاب أليم * تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك
نجزي القوم المجرمين "
وقد
ذكر الله تعالى خبر أهلاكهم في غير ما آية كما تقدم مجملاً ومفصلاً ،
كقوله : " فأنجيناه والذين معه برحمة منا وقطعنا دابر الذين كذبوا بآياتنا
وما كانوا مؤمنين " وكقوله : " ولما جاء أمرنا نجينا هودا والذين آمنوا معه
برحمة منا ونجيناهم من عذاب غليظ * وتلك عاد جحدوا بآيات ربهم وعصوا رسله
واتبعوا أمر كل جبار عنيد * وأتبعوا في هذه الدنيا لعنة ويوم القيامة ألا
إن عادا كفروا ربهم ألا بعدا لعاد قوم هود " وكقوله : " فأخذتهم الصيحة
بالحق فجعلناهم غثاء فبعدا للقوم الظالمين " وقوله تعالى : " فكذبوه
فأهلكناهم إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز
الرحيم "
وأما
تفصيل أهلاكهم فكما قال تعالى : " فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا
هذا عارض ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم " كان هذا أول ما
ابتدأهم العذاب ، أنهم كانوا ممحلين مسنتين فطلبوا السقيا فرأوا عارضاً في
السماء وظنوه سقيا رحمة ، فإذا هو سقيا عذاب ، ولهذا قال تعالى : " بل هو
ما استعجلتم به " أي من وقوع العذاب وهو قولهم : " فأتنا بما تعدنا إن كنت
من الصادقين " ومثلها في الأعراف
وقد
ذكر المفسرون وغيرهم ها هنا الخبر الذي ذكر الإمام محمد بن إسحاق بن يسار ،
قال : فلما أبوا إلا الكفر بالله عز وجل ، أمسلك عنهم القطر ثلاث سنين ،
حتى جهدهم ذلك ، قال : وكان الناس إذا جهدهم أمر في ذلك الزمان فطلبوا من
الله الفرج منه إنما يطلبونه بحرمه ومكان بيته ، وكان معروفاً عند أهل ذلك
الزمان ، وبه العماليق مقيمون ، وهم من سلالة معليق بن لاوذ بن سام بن نوح ،
وكان سيدهم إذا ذاك رجلاً يقال له معاوية بن بكر ، وكانت أمه من قوم عاد
واسمها جلهذة ابنة الخيبري قال : فبعث عاد وفراد قريباً من سبقين رجلاً
ليستسقوا لهم عند الحرم ، فمروا بمعاوية بن بكر بظاهر مكة ، فنزلوا عليه
فأقاموا عنده شهراً ، يشربون الخمر ، وتغنيهم الجرادتان ، قينتان لمعاوية ،
وكانوا قد وصلوا إليه في شهر فلما طال مقامهم عنده ، وأخذته شفقة على
قومه ، واستحيا منهم أن يأمرهم بالإنصراف ، عمل شعراً يعرض لهم فيه
بالإنصراف ، وأمر القينتين أن تغنيهم به ، فقال :
ألا يقيــــل ويحــــــك قم فهبنم لعـل الله يصبحنـا غمـــامــا
فيسقي أرض عـــاد إن عـــاداً قد أمسوا لا يبينون الكلاما
من العطش الشديد فليس نرجو به الشيخ الكبير ولا الغـلاما
وقـــد كانت نســـــــاؤهم بخير فقـد أمست نساؤهم أيامى
وأن الــوحش يــأتيهم جهــاراً ولا يخشى لعــــاد سهــامــا
وأنتم هــــاهنـــا فيما اشتهيتم نهـــاركم وليلكــم تمـــامــــا
فقبـح وفــدكم من وفــد قــوم ولا لقــوا التحيـــة والســلامــا
قال
: فعند ذلك تنبه القوم لما جاءوا له فنهضوا إلى الحرم ودعوا لقومهم ، فدعا
داعيهم وهو قيل بن عنز ، فأنشأ الله سحابات ثلاثة : بيضاء وحمراء وسوداء ،
ثم ناداه مناد من السماء : اختر لنفسك - أو لقومك - من هذا السحاب ، فقال :
اخترت السحابة السوداء فإنها أكثر السحاب ماء ، فناداه مناد : اخترت رماد
رمدداً ، لا تبقى من عاد أحداً ، لا والداً يترك ولا ولداً ، إلا جعلته
همداً إلا بني اللوذية الهمدا قال : وهم بطن من عاد كانوا مقيمين بمكة ،
فلم يصبهم ما أصاب قومهم قال : ومن بقي من أنسابهم وأعقابهم هم عاد الآخرة
قال
: وساق الله السحابة السوداء التي اختارها قيل بن عنز بما فيها من النقمة
إلى عاد ، حتى تخرج عليهم من واد يقال له المغيث ، فلما رأوها استبشروا
وقالوا : هذا عارض ممطرنا فيقول تعالى : " بل هو ما استعجلتم به ريح فيها
عذاب أليم * تدمر كل شيء بأمر ربها " أي تهلك كل شيء أمرت به
فكان
أول من أبصر ما فيها وعرف أنها ريح فيما يذكرون امرأة من عاد يقال لها
مهد فلما تبينت ما فيها صاحت ثم صعقت فلما أفاقت قالوا : ما رأيت يا مهد ؟
قالت : رأيت ريحاً فيها شبه النار أمامها رجال يقودونها فسخرها الله
عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوماً ، والحسوم : الدائمة ، فلم تدع من عاد
أحداً إلا هلك
قال
: واعتزل هود - عليه السلام - فيما ذكر لي - في حظيرة هو ومن معه من
المؤمنين ، ما يصيبهم إلا ماتلين عليه الجلود ، وتلذ الأنفس ، وإنها لتمر
على عاد بالظعن فيما بين السماء والأرض ، وتدمغهم بالحجارة وذكر تمام
القصة
وقد
روى الإمام أحمد حديثاً في مسنده يشبه هذه القصة فقال : حدثنا زيد بن
الخباب ، حدثنى أبو المنذر سلام بن سليمان النحوي ، حدثنا عاصم بن أبي
النجود ، عن أبي وائل ، عن الحارث - وهو ابن حسان - ويقال ابن يزيد البكري ،
قال : خرجت أشكو العلاء بن الحضرمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
فمررت بالزبذة ، فإذا عجوز من بني تميم منقطع بها ، فقال لي : يا عبد الله
إن لي إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة ، فهل أنت مبلغي إليه ؟
قال
: فحملتها فأتيت المدينة فإذا المسجد غاص بأهله ، وإذا راية سوداء تخفق ،
إذا بلال متقلد السيف بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقلت : ما
شأن الناس ؟ قالوا : يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجهاً
قال
: فجلست ، قال : فدخل منزله - أو قال رحله - فاستأذنت عليه فأذن لي ،
فدخلت فسلمت فقال : هل كان بينكم وبين بني تميم شيء ؟ فقلت : نعم وكانت
لنا الدائرة عليهم ومررت بعجوز من بني تميم منقطع بها ، فسألتني أن أحملها
إليك وها هي ذي بالباب ، فأذن لها فدخلت ، فقالت : يا رسول الله إن رأيت
أن تجعل بيننا وبين بني تميم حاجزاً ، فاجعل الدهناء فإنها كانت لنا ، قال
: فحميت العجوز واستوفزت وقالت : يا رسول الله فإلى أين يضطر مضطرك ؟
قال : قلت : إن مثلي ما قال الأول : معزى حملت حتفها ، حملت هذه الأمة ولا
أشعر أنها كانت لي خصماً ، أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد ، قال :
هيه وما وافد عاد ؟ وهو أعلم بالحديث مني ولكن يستطعمه
قلت
: إن عاداً قحطوا فبعثوا وافداً لهم يقال له : قيل ، فمر بمعاوية بن بكر
فأقام عنده شهراً يسقيه الخمر وتغنيه جاريتان يقال لهما : الجرادتان ،
فلما مضى الشهر خرج إلى جبال تهامة ، فقال : اللهم إنك تعلم أني لم أجىء
إلى مريض فأداويه ، ولا إلى أسير فأفاديه ، اللهم اسق عاداً ما كنت تسقيه
فمرت به سحابات سود فنودى منها : اختر فأومأ إلى سحابة منها سوداً ، فنودي
منها : خذها رماداً رمدداً ولا تبقى من عاد أحداً ، قال : فما بلغني أنه
بعث عليهم من الريح إلا كقدر ما يجري في خاتمي هذا من الريح حتى هلكوا
قال أبو وائل : وصدق : وكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وافداً لهم قالوا : لا تكن كوافد عاد
وهكذا
رواه الترمذي ، عن عبد بن حميد ، عن زيد بن الحباب به ورواه النسائي
من حديث سلام أبي المنذر ، عن عاصم بن بهدلة ، ومن طريقه رواه ابن ماجه
وهكذا أورد هذا الحديث وهذه القصة عند تفسير هذه القصة غير واحد من
المفسرين كابن جرير وغيره
وقد
يكون هذا السياق لإهلاك عاد الآخرة ، فإن فيما ذكره ابن إسحاق وغيره ذكر
لمكة ، ولم تبن إلا بعد إبراهيم الخليل ، حين أسكن فيها هاجر وابنه إسماعيل
، فنزلت جرهم عندهم كما سيأتي ، وعاد الأولى قبل الخليل ، وفيه ذكر معاوية
بن بكر وشعره ، وهو من الشعر المتأخر عن زمان عاد الأولى ، ولا يشبه كلام
المتقدمين وفيه أن في تلك السحابة شرر نار ، وعاد الأولى إنما أهلكوا بريح
صرصر ، وقد قال ابن مسعود وابن عباس وغير واحد من أئمة التابعين : هي
الباردة والعاتية الشديدة الهبوب
" سخرها عليهم سبع ليال وثمانية أيام حسوما " أي كوامل متتابعات قيل : كان أولها الجمعة ، وقيل الأربعاء
"
فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية " شبههم بأعجاز النخل التي لا
رؤس لها ، وذلك لأن الريح كانت تجيء إلى أحدهم فتحمله فترفعه في الهواء ،
ثم تنكسه على أم رأسه فتشدخه فيبقى جثة بلا رأس ، كما قال : " إنا أرسلنا
عليهم ريحا صرصرا في يوم نحس مستمر " أي في يوم نحس عليهم ، مستمر عذابه
عليهم
"
تنزع الناس كأنهم أعجاز نخل منقعر " ومن قال إنه اليوم النحس المستمر يوم
الأربعاء وتشاءم به لهذا الفهم ، فقد أخطأ وخالف القرآن ، فإنه قال في
الآية الأخرى : " فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا في أيام نحسات " ومعلوم أنها
ثمانية أيام متتابعات ، فلو كانت نحسات في أنفسها لكانت جميع الأيام السبعة
المندرجة فيها مشئومة ، وهذا لا يقوله أحد ، وإنما المراد في أيام نحسات ،
أي عليهم
وقال
تعالى : " وفي عاد إذ أرسلنا عليهم الريح العقيم " أي التي لا تنتج خيراً ،
فإن الريح المنفردة لا تثير سحاباً ولا تلقح شجراً ، بل هي عقيم لا نتيجة
خير لها ، ولهذا قال : " ما تذر من شيء أتت عليه إلا جعلته كالرميم " أي
كالشيء البالي الفاني الذي لا ينتفع به بالكلية
وقد
ثبت في الصحيحين من حديث شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال : " نصرت بالصبا ، وأهلكت عاد بالدبور "
وأما
قوله تعالى : " واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين
يديه ومن خلفه أن لا تعبدوا إلا الله إني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم "
فالظاهر أن عاداً هذه هي عاد الأولى ، فإن سياقها شبيه بسياق قوم هود وثم
الأولى ، ويحتمل أن يكون المذكورون في هذه القصة هم عاد الثانية ويدل عليه
ما ذكرنا وما سيأتي من الحديث عن عائشة رضي الله عنها
وأما
قوله : " فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا " فإن
عاداً لما رأوا هذا العارض وهي الناشيء في الجو كالسحاب ظنوه سحاباً ممطراً
، فإذا هو سحاب عذاب ، اعتقدوه رحمه فإذا هو نقمة ، رجوا فيه الخير فنالوا
منه غاية الشر قال الله تعالى : " بل هو ما استعجلتم به " أي من العذاب ،
ثم فسره بقوله : " ريح فيها عذاب أليم " يحتمل أن ذلك العذاب هو ما أصابهم
من الريح الصرصر العاتية الباردة الشديدة الهبوب ، التي استمرت عليهم سبع
ليال بأيامها الثمانية فلم تبق منهم أحداً ، بل تتبعهم حتى كانت تدخل عليهم
كهوف الجبال والغيران فتلفهم وتخرجهم وتهلكهم ، وتدمر عليهم البيوت
المحكمة والقصور المشيدة ، فكما منوا بشدتهم وبقوتهم وقالوا : من أشد منا
قوة ؟ سلط الله عليهم ما هو أشد منهم قوة ، وأقدر عليهم ، وهو الريح العقيم
ويحتمل
أن هذه الريح أثارت في آخر الأمر سحابة ، ظن من بقي منهم أنها سحابة فيها
رحمة بهم ، وغياث لمن بقي منهم ، فأرسلها الله عليهم شرراً وناراً كما
ذكره غير واحد ويكون هذا كما أصاب أصحاب الظلة من أهل مدين ، وجمع لهم بين
الريح الباردة والمذاب النار ، وهو أشد ما يكون من العذاب بالأشياء
المختلفة المتضادة ، مع الصيحة التي ذكرها في سورة قد أفلح المؤمنون
والله أعلم
وقد
قال ابن أبي حاتم : حدثنا أبي ، حدثنا محمد بن يحيى بن الضريس ، حدثنا ابن
فضيل عن مسلم ، عن مجاهد ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم : " ما فتح الله على عاد من الريح التي أهلكوا بها إلا مثل موضع
الخاتم ، فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم بين السماء والأرض ،
فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عاد ، الريح وما فيها " قالوا هذا عارض
ممطرنا " فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة "
وقد
رواه الطبراني عن عبدان بن أحمد ، عن إسماعيل بن زكريا الكوفي ، عن أبي
مالك ، عن مسلم الملائي ، عن مجاهد وسعيد بن جبير ، عن ابن عباس قال : قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ما فتح الله على عاد من الريح إلا مثل
موضع الخاتم ، ثم أرسلت عليهم البدو إلى الحضر ، فلما رآها أهل الحضر قالوا
: هذا عارض ممطرنا مستقبل أوديتنا وكان أهل البوادي فيها ، فألقى أهل
البادية على أهل الحاضرة حتى هلكوا "
قالت : عتت على خرانها حتى خرجت من خلال الأبواب : قلت : وقال غيره : خرجت بغير حساب
والمقصود أن هذا الحديث في رفعه نظر ، ثم اختلف فيه على مسلم الملائي ، وفيه نوع اضطراب والله أعلم
وظاهر الآية أنهم رأوا عارضاً والمفهوم منه لغة السحاب ، كما دل عليه حديث الحارث بن حسان البكري ، إن جعلناه مفسراً لهذه القصة
وأصرح
منه في ذلك ما رواه مسلم في صحيحه حيث قال : حدثنا أبو بكر الظاهر ،
حدثنا ابن وهب قال : سمعت ابن جريج ، حدثنا عن عطاء بن أبي رباح ، عن عائشة
رضي الله عنها قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عصفت الريح قال
: " اللهم إني أسألك خيرها وخير ما فيها وخير ما أرسلت به ، وأعوذ بك من
شرها وشر ما فيها وشر ما أرسلت به " قالت : وإذا غيبت السماء تغير لونه ،
وخرج ودخل ، وأقبل وأدبر فإذا أمطرت سرى عنه ، فعرفت ذلك عائشة فسألته
فقال : لعله يا عائشة كما قال قوم عاد : " فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم
قالوا هذا عارض ممطرنا "
رواه الترمذي و النسائي و ابن ماجه ، من حديث ابن جريج
طريق
أخرى : قال الإمام أحمد : حدثنا هارون بن معروف ، أنبأنا عبد الله بن
وهب ، أنبأنا عمرو - وهو ابن الحارث - أن أبا النضر حدثه عن سليمان بن يسار
، عن عائشة أنها قالت : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مستجمعاً
ضاحكاً قط حتى أرى منه لهواته ، إنما كان يبتسم وقالت : كان إذا رأى غيماً
أو ريحاً عرف ذلك في وجهه ، قالت : يا رسول الله إن الناس إذا رأوا الغيم
فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر ، وأراك إذا رأيته عرف في وجهك الكراهية ؟
فقال : " يا عائشة ما يؤمنني أن يكون فيه عذاب ! قد عذب قوم نوح بالريح
"، وقد رأى إليه أولاً ، فعلى هذا تكون القصة المذكورة في سورة الأحقاف
خبراً عن قوم عاد الثانية وتكون بقية السياقات في القرآن خبراً عن عاد
الأولى والله أعلم بالصواب
وهكذا رواه مسلم عن هارون بن معروف ، وأخرجه البخاري و أبو داود من حديث ابن وهب
وقدمنا
حج هود عليه السلام عند ذكر حج نوح عليه السلام وروى عن أمير المؤمنين
علي بن أبي طالب أنه ذكر صفة قبر هود عليه السلام في بلاد اليمن وذكر
آخرون أنه بدمشق وبجامعها مكان في حائطه القبلى يزعم بعض الناس أنه قبر هود
عليه السلام والله أعلم




 الموضوعالأصلي : من يعرف قصصهم ........ // المصدر : منتديات طيبة الجزائرية // الكاتب:faiza


توقيع : faiza





من يعرف قصصهم ........ - صفحة 3 Emptyالأربعاء 29 يونيو 2011 - 20:32
المشاركة رقم:
مشرفة قسم الثقافة العامة
 مشرفة قسم الثقافة العامة

avatar

إحصائيةالعضو

مُساهمةموضوع: رد: من يعرف قصصهم ........


من يعرف قصصهم ........


من يعرف قصصهم ........ - صفحة 3 0638




 الموضوعالأصلي : من يعرف قصصهم ........ // المصدر : منتديات طيبة الجزائرية // الكاتب:faiza


توقيع : faiza





من يعرف قصصهم ........ - صفحة 3 Emptyالأربعاء 29 يونيو 2011 - 21:52
المشاركة رقم:
مشرفة منتديات الثقافة و الأدب
 مشرفة منتديات الثقافة و الأدب

المقاتلة

إحصائيةالعضو

مُساهمةموضوع: رد: من يعرف قصصهم ........


من يعرف قصصهم ........


وانت اروع غلاتي
شكرا لمرورك و مشاركتك




 الموضوعالأصلي : من يعرف قصصهم ........ // المصدر : منتديات طيبة الجزائرية // الكاتب:المقاتلة


توقيع : المقاتلة





من يعرف قصصهم ........ - صفحة 3 Emptyالإثنين 4 يوليو 2011 - 14:25
المشاركة رقم:
مشرفة قسم الثقافة العامة
 مشرفة قسم الثقافة العامة

avatar

إحصائيةالعضو

مُساهمةموضوع: قصة لوط عليه السلام


من يعرف قصصهم ........


قصة لوط عليه السلام
ومما وقع في حياة إبراهيم الخليل من الأمور العظيمة : قصة قوم لوط عليه السلام ، وما حل بهم من النقمة العميمة
وذلك
أن لوطاً بن هاران بن تارح - وهو آزر كما تقدم - ولوط ابن أخي إبراهيم
الخليل ، فإبراهيم وهاران وناحور أخوة كما قدمنا ، ويقال إن هاران هذا هو
الذي بنى حران وهذا ضعيف لمخالفته ما بأيدى أهل الكتاب والله تعالى أعلم
وكان
لوط قد نزح عن محلة عمه الخليل عليهما السلام بأمره له وإذنه ، فنزل
بمدينة سدوم من أرض غور زغر ، وكان أم تلك المحلة ولها أرض ومعتملات وقرى
مضافة إليها ، ولها أهل من أفجر الناس وأكفرهم وأسوأهم طوية ، وأردأهم
سريرة وسيرة ، يقطعون السبيل ويأتون في ناديهم المنكر ، ولا يتناهون عن
منكر فعله لبئس ما كانوا يفعلون
ابتدعوا فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من بن آدم ، وهي إتيان الذكران من العالمين ، وترك ما خلق الله عن النسوان لعباده الصالحين
فدعاهم
لوط إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له ، ونهاهم عن تعاطي هذه المحرمات
والفواحش المنكرات ، والأفاعيل المستقبحات فتمادوا على ضلالهم وطغيانهم ،
واستمروا على فجورهم وكفرانهم ، فأحل الله بهم من البأس الذي لا يرد ما لم
يكن في خلدهم وحسابهم ، وجعلهم مثلة في العالمين ، وعبرة يتعظ بها الألباء
من العالمين
ولهذا
ذكر الله تعالى قصتهم في غير ما موضع في كتابه المبين فقال تعالى في سورة
الأعراف : " ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من
العالمين * إنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم مسرفون *
وما كان جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوهم من قريتكم إنهم أناس يتطهرون *
فأنجيناه وأهله إلا امرأته كانت من الغابرين * وأمطرنا عليهم مطرا فانظر
كيف كان عاقبة المجرمين "
وقال
تعالى في سورة هود : " ولقد جاءت رسلنا إبراهيم بالبشرى قالوا سلاما قال
سلام فما لبث أن جاء بعجل حنيذ * فلما رأى أيديهم لا تصل إليه نكرهم وأوجس
منهم خيفة قالوا لا تخف إنا أرسلنا إلى قوم لوط * وامرأته قائمة فضحكت
فبشرناها بإسحاق ومن وراء إسحاق يعقوب * قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا
بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب * قالوا أتعجبين من أمر الله رحمة الله
وبركاته عليكم أهل البيت إنه حميد مجيد * فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته
البشرى يجادلنا في قوم لوط * إن إبراهيم لحليم أواه منيب * يا إبراهيم
أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود * ولما جاءت
رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب * وجاءه قومه يهرعون
إليه ومن قبل كانوا يعملون السيئات قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم
فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد * قالوا لقد علمت ما لنا
في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد * قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن
شديد * قالوا يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك فأسر بأهلك بقطع من الليل
ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك إنه مصيبها ما أصابهم إن موعدهم الصبح أليس
الصبح بقريب * فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من
سجيل منضود * مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد "
وقال
تعالى في سورة الحجر : " ونبئهم عن ضيف إبراهيم * إذ دخلوا عليه فقالوا
سلاما قال إنا منكم وجلون * قالوا لا توجل إنا نبشرك بغلام عليم * قال
أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون * قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من
القانطين * قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضالون * قال فما خطبكم أيها
المرسلون * قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين * إلا آل لوط إنا لمنجوهم
أجمعين * إلا امرأته قدرنا إنها لمن الغابرين * فلما جاء آل لوط المرسلون *
قال إنكم قوم منكرون * قالوا بل جئناك بما كانوا فيه يمترون * وأتيناك
بالحق وإنا لصادقون * فأسر بأهلك بقطع من الليل واتبع أدبارهم ولا يلتفت
منكم أحد وامضوا حيث تؤمرون * وقضينا إليه ذلك الأمر أن دابر هؤلاء مقطوع
مصبحين * وجاء أهل المدينة يستبشرون * قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون *
واتقوا الله ولا تخزون * قالوا أولم ننهك عن العالمين * قال هؤلاء بناتي إن
كنتم فاعلين * لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون * فأخذتهم الصيحة مشرقين *
فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل * إن في ذلك لآيات
للمتوسمين * وإنها لبسبيل مقيم * إن في ذلك لآية للمؤمنين "
وقال
تعالى في سورة الشعراء : " كذبت قوم لوط المرسلين * إذ قال لهم أخوهم لوط
ألا تتقون * إني لكم رسول أمين * فاتقوا الله وأطيعون * وما أسألكم عليه من
أجر إن أجري إلا على رب العالمين * أتأتون الذكران من العالمين * وتذرون
ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون * قالوا لئن لم تنته يا لوط
لتكونن من المخرجين * قال إني لعملكم من القالين * رب نجني وأهلي مما
يعملون * فنجيناه وأهله أجمعين * إلا عجوزا في الغابرين * ثم دمرنا الآخرين
* وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر المنذرين * إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم
مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز الرحيم "
وقال
تعالى في سورة النمل : " ولوطا إذ قال لقومه أتأتون الفاحشة وأنتم تبصرون *
أإنكم لتأتون الرجال شهوة من دون النساء بل أنتم قوم تجهلون * فما كان
جواب قومه إلا أن قالوا أخرجوا آل لوط من قريتكم إنهم أناس يتطهرون *
فأنجيناه وأهله إلا امرأته قدرناها من الغابرين * وأمطرنا عليهم مطرا فساء
مطر المنذرين "
وقال
تعالى في سورة العنكبوت : " ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون الفاحشة ما
سبقكم بها من أحد من العالمين * أإنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون
في ناديكم المنكر فما كان جواب قومه إلا أن قالوا ائتنا بعذاب الله إن كنت
من الصادقين * قال رب انصرني على القوم المفسدين * ولما جاءت رسلنا
إبراهيم بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين *
قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت
من الغابرين * ولما أن جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقالوا لا
تخف ولا تحزن إنا منجوك وأهلك إلا امرأتك كانت من الغابرين * إنا منزلون
على أهل هذه القرية رجزا من السماء بما كانوا يفسقون * ولقد تركنا منها آية
بينة لقوم يعقلون "
وقال
تعالى في سورة الصافات : " وإن لوطا لمن المرسلين * إذ نجيناه وأهله
أجمعين * إلا عجوزا في الغابرين * ثم دمرنا الآخرين * وإنكم لتمرون عليهم
مصبحين * وبالليل أفلا تعقلون "
وقال
تعالى في سورة الذاريات بعد قصة ضيف إبراهيم وبشارتهم إياه بغلام عليم : "
قال فما خطبكم أيها المرسلون * قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين * لنرسل
عليهم حجارة من طين * مسومة عند ربك للمسرفين * فأخرجنا من كان فيها من
المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين * وتركنا فيها آية للذين
يخافون العذاب الأليم "
وقال
في سورة القمر : " كذبت قوم لوط بالنذر * إنا أرسلنا عليهم حاصبا إلا آل
لوط نجيناهم بسحر * نعمة من عندنا كذلك نجزي من شكر * ولقد أنذرهم بطشتنا
فتماروا بالنذر * ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر *
ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر * فذوقوا عذابي ونذر * ولقد يسرنا القرآن للذكر
فهل من مدكر "
وقد تكلمنا على هذه القصص في أماكنها من هذه السور في التفسير
وقد ذكر الله لوطاً وقومه في مواضع أخر من القرآن ، تقدم ذكها مع نوح وعاد وثمود

* * *
والمقصود الآن إيراد ما كان من أمرهم ، وما أحل الله لهم ، مجموعاً من الآيات والآثار وبالله المستعان
وذلك
أن لوطاً عليه السلام لما دعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له ونهاهم
عن تعاطي ما ذكر الله عنهم من الفواحش ، لم يستجيبوا له ولم يؤمنوا به حتى
ولا رجل واحد منهم ، ولم يتركوا ما عنه نهوا بل استمروا على حالهم ، ولم
يرعووا عن غيهم وضلالهم ، وهموا بإخراج رسولهم من بين ظهرانيهم وما كان
حاصل جوابهم عن خطابهم إذ كانوا لا يعقلون إلا أن قالوا : " أخرجوا آل لوط
من قريتكم إنهم أناس يتطهرون " فجعلوا غاية المدح ذماً يقتضي الإخراج ! وما
حملهم على مقالتهم هذه إلا العناد واللجاج
فطهره
الله وأهله إلا امرأته ، وأخرجهم منها أحسن إخراج وتركهم في محلتهم خالدين
، لكن بعد ما صيرها عليهم بحيرةً منتنة ذات أمواج ، لكنها عليهم في
الحقيقة نار تأجج ، وحر يتوهج ، ماؤها ملح أجاج
وما
كان هذا جوابهم إلا لما نهاهم عن ارتكاب الطامة العظمى ، والفاحشة الكبرى ،
التي لم يسبقهم إليها أحد من العالمين أهل الدنيا ولهذا صاروا مثلة فيها
وعبرة لمن عليها
وكانوا
مع ذلك يقطعون الطريق ، ويخونون الرفيق ، ويأتون في ناديهم - وهو مجتمعهم
ومحل حديثهم وسمرهم - المنكر من الأقوال والأفعال على اختلاف أصنافه حتى
قيل إنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم ، ولا يستحون من مجالسيهم ، وربما وقع
منهم الفعلة العظيمة في المحافل ولا يستنكفون ، ولا يرعوون لوعظ واعظ ولا
نصيحة من عاقل وكانوا في ذلك وغيره كالأنعام بل أضل سبيلاً ، ولم يقلعوا
عما كانوا عليه في الحاضر ، ولا ندموا على ما سلف من الماضي ، ولا راموا في
المستقبل تحويلاً ، فأخذهم الله أخذاً وبيلاً
وقالوا
له فيما قالوا : " ائتنا بعذاب الله إن كنت من الصادقين " فطلبوا منه
وقوع ما حذرهم عنه من العذاب الأليم ، وحلول البأس العظيم
فعند ذلك دعا عليهم نبيهم الكريم ، فسأل من رب العالمين وإله المرسلين أن ينصره على القوم المفسدين
فغار
الله لغيرته ، وغضب لغضبته ، واستجاب لدعوته ، وأجابه إلى طلبته وبعث رسله
الكرام ، وملائكته العظام ، فمروا على الخليل إبراهيم وبشروه بالغلام
العليم ، وأخبروه بما جاءوا له من الأمر الجسيم والخطب العميم : " قال فما
خطبكم أيها المرسلون * قالوا إنا أرسلنا إلى قوم مجرمين * لنرسل عليهم
حجارة من طين * مسومة عند ربك للمسرفين " وقال : " ولما جاءت رسلنا إبراهيم
بالبشرى قالوا إنا مهلكوا أهل هذه القرية إن أهلها كانوا ظالمين * قال إن
فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها لننجينه وأهله إلا امرأته كانت من
الغابرين " وقال الله تعالى : " فلما ذهب عن إبراهيم الروع وجاءته البشرى
يجادلنا في قوم لوط " وذلك أنه كان يرجو أن يجيبوا أن ينيبوا ويسلموا
ويقلعوا ويرجعوا ، ولهذا قال تعالى : " إن إبراهيم لحليم أواه منيب * يا
إبراهيم أعرض عن هذا إنه قد جاء أمر ربك وإنهم آتيهم عذاب غير مردود " أي
أعرض عن هذا وتكلم غيره ، فإنه قد حتم أمرهم ، ووجب عذابهم وتدميرهم
وهلاكهم ، " إنه قد جاء أمر ربك " أي قد أمر به من لا يرد أمره ، ولا يرد
بأسه ، ولا معقب لحكمه " وإنهم آتيهم عذاب غير مردود "
وذكر
سعيد بن جبير والسدي وقتادة ومحمد بن إسحاق : أن إبراهيم عليه السلام جعل
يقول : أتهلكون قريةً فيها ثلاثمائة مؤمن قالوا : لا قال : فمائتا مؤمن ؟
قالوا : لا قال : فأربعون مؤمناً ؟ قالوا : لا قال : فأربعة عشر مؤمناً ؟
قالوا : لا قال ابن إسحاق : إلى أن قال : أفرأيتم إن كان فيها مؤمن واحد ؟
قالوا : لا " قال إن فيها لوطا قالوا نحن أعلم بمن فيها " الآية
وعند
أهل الكتاب أنه قال : يارب أتهلكهم وفيهم خمسون رجلاً صالحاً ؟ فقال
الله : لا أهلكهم وفيهم خمسون صالحاً ثم تنازل إلى عشرة فقال الله : لا
أهلكهم وفيهم عشرة صالحون
قال
الله تعالى : " ولما جاءت رسلنا لوطا سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم
عصيب " قال المفسرون : لما فصلت الملائكة من عند إبراهيم - وهم جبريل
وميكائيل وإسرافيل - أقبلوا حتى أتوا أرض سدوم ، في صور شبان حسان ،
اختباراً من الله تعالى لقوم لوط وإقامة للحجة عليهم فاستضافوا لوطاً عليه
السلام وذلك عند غروب الشمس ، فخشي إن لم يضفهم أن يضيفهم غيره ، وحسبهم
بشراً من الناس ، و " سيء بهم وضاق بهم ذرعا وقال هذا يوم عصيب " قال ابن
عباس ومجاهد وقتادة ومحمد بن إسحاق : شديد بلاؤه وذلك لما يعلم من مدافعته
الليلة عنهم ، كما كان يصنع بهم في غيرهم ، وكانوا قد اشترطوا عليه أن لا
يضيف أحداً ولكن رأى من لا يمكن المحيد عنه
وذكر
قتادة : أنهم وردوا عليه وهو في أرض له يعمل فيها ، فتضيفوا فاستحيا منهم
وانطلق أمامهم ، وجعل يعرض لهم في الكلام لعلهم ينصرفون عن هذه القرية
وينزلون في غيرها ، فقال لهم فيما قال : والله يا هؤلاء ما أعلم على وجه
الأرض أهل بلد أخبث من هؤلاء ثم مشى قليلاً ، ثم أعاد ذلك عليهم حتى كرره
أربع مرات ، قال : وكانوا قد أمروا أن لا يهلكوهم حتى يشهد عليهم نبيهم
بذلك
وقال
السدي : خرجت الملائكة من عند إبراهيم نحو قرية لوط ، فأتوها نصف النهار ،
فلما بلغوا نهر سدوم لقوا ابنة لوط تستقي من الماء لأهلها ، وكانت له
ابنتان ؟ اسم الكبرى ريثا والصغرى زغرتا فقالوا لها : يا جارية هل من
منزل ؟ فقالت لهم : نعم ، مكانكم لا تدخلوا حتى آتيكم شفقة عليهم من
قومها ، فأتت أباها فقالت : يا أبتاه أرادك فتيان على باب المدينة ، ما
رأيت وجوه قط هي أحسن منهم ، لا يأخذهم قومك فيفضحوهم وقد كان قومه نهوه
أن يضيف رجلاً فقالوا : خل عنا فلنضيف الرجال
فجاء
بهم فلم يعلم أحد إلا أهل البيت ، فخرجت امرأته فأخبرت قومها ، فقالت : إن
في بيت لوط رجالاً ما رأيت مثل وجوههم قط فجاءه قومه يهرعون إليه
وقوله
: " ومن قبل كانوا يعملون السيئات " أي هذا مع ما سلف لهم من الذنوب
العظيمة الكبيرة الكثيرة ، " قال يا قوم هؤلاء بناتي هن أطهر لكم " يرشدهم
إلى غشيان نسائهم وهن بناته شرعاً ، لأن النبي للأمة بمنزلة الوالد ، كما
ورد في الحديث ، وكما قال تعالى : " النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم
وأزواجه أمهاتهم " وفي قول بعض الصحابة والسلف : وهو أب لهم وهذا كقوله : "
أتأتون الذكران من العالمين * وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم
قوم عادون "
وهذا هو الذي نص عليه مجاهد وسعيد بن جبير والربيع بن أنس وقتادة والسدي ومحمد بن إسحاق ، وهو الصواب
والقول
الآخر خطأ مأخوذ من أهل الكتاب ، وقد تصحف عليهم كما أخطئوا في قولهم : إن
الملائكة كانوا اثنين ، وإنهم تعشوا عنده ، وقد خبط أهل الكتاب في هذه
القصة تخبيطاً عظيماً
وقوله
: " فاتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منكم رجل رشيد " نهى لهم عن تعاطي
ما لا يليق من الفاحشة ، وشهادة عليهم بأنه ليس فيهم رجل له مسكة ولا فيه
خير ، بل الجميع سفهاء ، فجرة أقوياء ، كفرة أغبياء
وكان هذا من جملة ما أراد الملائكة أن يسمعوه منه من قبل أن يسألوه عنه
فقال
قومه ، عليهم لعنة الله الحميد المجيد ، مجيبين لنبيهم فيما أمرهم به من
الأمر السديد : " لقد علمت ما لنا في بناتك من حق وإنك لتعلم ما نريد "
يقولون - عليهم لعائن الله - لقد علمت يا لوط أنه لا أرب لنا في نسائنا ،
وإنك لتعلم مرادنا وغرضنا
واجهوا
بهذا الكلام القبيح رسولهم الكريم ، ولم يخافوا سطوة العظيم ، ذي العذاب
الأليم ولهذا قال عليه السلام : " لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد "
ود أن لو كان له بهم قوة أو له منعة وعشيرة ينصرونه عليهم ، ليحل بهم ما
يستحقونه من العذاب على هذا الخطاب
وقد
قال الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة مرفوعاً : " نحن أحق
بالشك من إبراهيم ، ويرحم الله لوطاً ، لقد كان يأوي إلى ركن شديد ، ولو
لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الداعى"
ورواه أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة
وقال
محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة : أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال : " رحمة الله على لوط ، إن كان يأوي إلى ركن شديد - يعني
الله عز وجل - فما بعث الله بعده من نبي إلا في ثروة من قومه "
وقال
تعالى : " وجاء أهل المدينة يستبشرون * قال إن هؤلاء ضيفي فلا تفضحون *
واتقوا الله ولا تخزون * قالوا أولم ننهك عن العالمين * قال هؤلاء بناتي إن
كنتم فاعلين " فأمرهم بقربان نسائهم ، وحذرهم الإستمرار على طريقتهم
وسيآتهم
وهذا وهم فذي ذلك لا ينتهون ولا يرعوون ، بل كلما نهاهم يبالغون في تحصيل هؤلاء
الضيفان ويحرصون ، ولم يعلموا ما حم به القدر مما هم إليه صائرون ، وصبيحة ليلتهم إليه منقلبون
ولهذا
قال تعالى مقسماً بحياة نبيه محمد صلوات الله وسلامه عليه : " لعمرك إنهم
لفي سكرتهم يعمهون " وقال تعالى : " ولقد أنذرهم بطشتنا فتماروا بالنذر *
ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر * ولقد صبحهم بكرة
عذاب مستقر "
ذكر
المفسرون وغيرهم : أن نبي الله لوطاً عليه السلام جعل يمانع قومه الدخول
ويدافعهم الباب مغلق ، وهم يرومون فتحه وولوجه ، وهو يعظهم وينهاهم من وراء
الباب ، وكل ما لهم في إلحاح وإنحاح ، فلما ضاق الأمر وعسر الحال قال ما
قال : " لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد " لأحللت بكم النكال
قالت
الملائكة : " يا لوط إنا رسل ربك لن يصلوا إليك " وذكروا أن جبريل عليه
السلام خرج عليهم ، فضرب وجوههم خفقة بطرف جناحه فطمست أعينهم ، حتى قيل
إنها غارت بالكلية ولم يبق لها محل ولا عين ولا أثر ، فرجعوا يتحسسون مع
الحيطان ، ويتوعدون رسول الرحمن ، ويقولون : إذا كان الغد كان لنا وله شأن !
قال الله تعالى : " ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر * ولقد صبحهم بكرة عذاب مستقر "
فذلك
أن الملائكة تقدمت إلى لوط عليه السلام آمرين له بأن يسري هو وأهله من آخر
الليل " ولا يلتفت منكم أحد " ، يعني عند سماع صوت العذاب إذا حل بقومه
وأمروه أن يكون سيره في آخرهم كالساقة لهم
وقوله
: " إلا امرأتك " على قراءة النصب : يحتمل أن يكون مستثنى من قوله : "
فأسر بأهلك " كأنه يقول إلا امرأتك فلا تسر بها ، ويحتمل أن يكون من قوله :
" ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك " أي فإنها ستلتفت فيصيبها ما أصابهم ،
ويقوي هذا الإحتمال قراءة الرفع ، ولكن الأول أظهر في المعنى والله أعلم
قال السهيلي ، واسم امرأة لوط والهة واسم امرأة نوح والغة
وقالوا
له مبشرين بهلاك هؤلاء البغاة العتاة ، الملعونين النظراء والأشباه الذين
جعلهم الله سلفاً لكل خائن مريب : " إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب "
فلما خرج لوط عليه السلام بأهله ، وهم ابنتاه ، لم يتبعه منهم رجل واحد ، ويقال إن امرأته خرجت معه والله أعلم
فلما خلصوا من بلادهم وطلعت الشمس فكانت عند شروقها ، جاءهم من أمر الله ما لا يرد ، ومن البأس الشديد ما لا يمكن أن يصد
وعند
أهل الكتاب : أن الملائكة أمروه أن يصعد إلى رأس الجبل الذي هناك فاستبعده
، وسأل منهم أن يذهب إلى قرية قريبة منهم ، فقالوا : اذهب فإنا ننتظرك حتى
تصير إليها وتستقر فيها ، ثم نحل بهم العذاب ، فذكروا أنه ذاهب إلى قرية
صوعر التي يقول الناس : غور زغر ، فلما أشرقت الشمس نزل بهم العذاب
قال الله تعالى : " فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليها حجارة من سجيل منضود * مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد "
قالوا
: اقتلعهن جبريل بطرف جناحه من قرارهن - وكن سبع مدن - بمن فيهن من الأمم ،
فقالوا : إنهم كانوا أربعمائة نسمة ، وقيل أربعة آلاف نسمة ، وما معهم من
الحيوانات ، وما يتبع تلك المدن من الأراضي والأماكن والمعتملات ، فرفع
الجميع حتى بلغ بهن عنان السماء ، حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح
كلابهم ، ثم قلبها عليهم ، فجعل عاليها سافلها قال مجاهد : فكان أول ما
سقط منها شرفاتها
"
وأمطرنا عليها حجارة من سجيل " والسجيل فارسي معرب : وهو الشديد الصلب
القوي ، " منضود " أي يتبع بعضها بعضاً في نزولها عليهم من السماء " مسومة "
أي معلمة مكتوب على كل حجر اسم صاحبه الذي يهبط عليه فيدمغه ، كما قال : "
مسومة عند ربك للمسرفين " وكما قال تعالى : " وأمطرنا عليهم مطرا فساء مطر
المنذرين "
وقال
تعالى : " والمؤتفكة أهوى * فغشاها ما غشى * فبأي آلاء ربك تتمارى " يعني
قلبها فأهوى بها منكسة عاليها سافلها ، وغشاها بمطر من حجارة من سجيل :
متتابعة ، مسومة مرقومة على كل حجر اسم صاحبه الذي سقط عليه ، من الحاضرين
منهم في بلدهم ، والغائبين عنها من المسافرين والنازحين والشاذين منها
ويقال
إن امرأة لوط مكثت مع قومها ، ويقال إنها خرجت مع زوجها وبنتيها ، ولكنها
لما سمعت الصيحة وسقوط البلدة ، التفتت إلى قومها وخالفت أمر ربها قديماً
وحديثاً ، وقالت : واقوماه ! فسقط عليها حجر فدمغها وألحقها بقومها ، إذا
كانت على دينهم ، وكانت عيناً لهم على من يكون عند لوط من الضيفان
كما
قال تعالى : " ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت
عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا
النار مع الداخلين " أي خانتاهما في الدين فلم يتبعاهما فيه ، وليس المراد
أنهما كانتا على فاحشة - حاشا وكلا ولما - فإن الله لا يقدر على نبي قط أن
تبغي امرأته ، كما قال ابن عباس وغيره من أئمة السلف والخلف : ما بغت
امرأة نبي قط ، ومن قال خلاف هذا فقد أخطأ خطأً كبيراً
قال
الله تعالى قصة الإفك ، لما أنزل براءة أم المؤمنين عائشة بنت الصديق ،
زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حين قال لها أهل الإفك ما قالوا ،
فعاتب الله المؤمنين وأنب وزجر ، ووعظ وحذر قال فيما قال : " إذ تلقونه
بألسنتكم وتقولون بأفواهكم ما ليس لكم به علم وتحسبونه هينا وهو عند الله
عظيم * ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان
عظيم " أي سبحانك أن تكون زوجة نبيك بهذه المثابة
وقوله هنا : " وما هي من الظالمين ببعيد " أي وما هذه العقوبة ببعيدة ممن أشبههم في فعلهم
ولهذا
ذهب من ذهب من العلماء إلى أن اللائط يرجم ، سواء أكان محصناً أو لا ونص
عليه الشافعي و أحمد بن حنبل وطائفة كثيرة من الأئمة
واحتجوا أيضاً بما رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث عمرو بن أبي عمرو ، عن
عكرمة ، عن ابن عباس ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من وجدتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به "
وذهب أبو حنيفة إلى أن اللائط يلقى من شاهق جبل ويتبع بالحجارة كما فعل بقوم لوط ، لقوله تعالى : " وما هي من الظالمين ببعيد "
وجعل
الله مكان تلك البلاد بحيرة منتنة لا ينتفع بمائها ، ولا بما حولها من
الأرض المتاخمة لفنائها ، لرداءتها ودناءتها ، فصارت عبرةً ومثلةً وعظةً
وآيةً على قدرة الله تعالى وعظمته ، وعزته في انتقامه ممن خالف أمره ، وكذب
رسله ، واتبع هواه وعصى مولاه ، ودليلاً على رحمته بعباده المؤمنين في
إنجائه إياهم من المهلكات ، وإخراجه إياهم من الظلمات إلى النور ، كما قال
تعالى : " إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين * وإن ربك لهو العزيز
الرحيم "
وقال
الله تعالى : " فأخذتهم الصيحة مشرقين * فجعلنا عاليها سافلها وأمطرنا
عليهم حجارة من سجيل * إن في ذلك لآيات للمتوسمين * وإنها لبسبيل مقيم * إن
في ذلك لآية للمؤمنين " أي من نظر بعين الفراسة والتوسم فيهم ، كيف غير
الله تلك البلاد وأهلها وكيف جعلها بعد ما كانت آهلة عامرة هالكة غامرة ؟
كما روى الترمذي وغيره مرفوعاً : " اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله " ثم قرأ : " إن في ذلك لآيات للمتوسمين "
وقوله
: " وإنها لبسبيل مقيم " أي لبطريق مهيع مسلوك إلى الآن كما قال : "
وإنكم لتمرون عليهم مصبحين * وبالليل أفلا تعقلون " وقال تعالى : " ولقد
تركنا منها آية بينة لقوم يعقلون " وقال تعالى : " فأخرجنا من كان فيها من
المؤمنين * فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين * وتركنا فيها آية للذين
يخافون العذاب الأليم "
أي
تركناها عبرةً وعظةً لمن خاف عذاب الآخرة ، وخشي الرحمن بالغيب ، وخاف
مقام ربه ونهى النفس عن الهوى ، فانزجر من محارم الله وترك معاصيه ، وخاف
أن يشابه قوم لوط ومن تشبه بقوم فهو منهم ، وإن لم يكن من كل وجه ، فمن
بعض الوجوه ، كما قال بعضهم :
فإن لم تكونوا قوم لوط بعينهم فمـــا قــوم لــوط منكم ببعيـــد
فالعاقل
اللبيب الفاهم الخائف من ربه ، يمتثل ما أمره الله به عز وجل ، ويقبل ما
أرشده إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من إتيان ما خلق له من الزوجات
الحلال ، والجواري من السراري ذوات الجمال ، وإياه أن يتبع كل شيطان مريد ،
فيحق عليه الوعيد ، ويدخل في قوله تعالى : " وما هي من الظالمين ببعيد "




 الموضوعالأصلي : من يعرف قصصهم ........ // المصدر : منتديات طيبة الجزائرية // الكاتب:faiza


توقيع : faiza





صفحات الموضوعانتقل الى الصفحة : الصفحة السابقة  1, 2, 3



الــرد الســـريـع
..



الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 4 (الأعضاء 1 والزوار 3)



من يعرف قصصهم ........ - صفحة 3 Collapse_theadتعليمات المشاركة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة


المواضيع الأخيرة
» وداعا للاحتكار برنامج لتسهيل التحويل بين الاجهزة للمعالج al3606
من يعرف قصصهم ........ - صفحة 3 Emptyالأربعاء 4 يناير 2023 - 16:55 من طرف salim_khelil

»  برنامج تسيير متربصي مراكز التكوين المهني
من يعرف قصصهم ........ - صفحة 3 Emptyالإثنين 21 نوفمبر 2022 - 20:01 من طرف angedenuit21

»  ما معنى الوديعة
من يعرف قصصهم ........ - صفحة 3 Emptyالسبت 1 أكتوبر 2022 - 12:06 من طرف c.ronaldo

» موقع يحتوي على العديد من الملفات المفتوحة بصيغة apz Autoplay media studio 8
من يعرف قصصهم ........ - صفحة 3 Emptyالأربعاء 8 ديسمبر 2021 - 18:10 من طرف abed1

» دفتر الشروط الادارية العامة C C A G
من يعرف قصصهم ........ - صفحة 3 Emptyالخميس 4 يونيو 2020 - 10:06 من طرف krm_176

» تمارين تقويم تشخيصي رياضيات السنة الثانية متوسط
من يعرف قصصهم ........ - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 19 مايو 2020 - 10:21 من طرف HOUWIROU

» كتاب تعليم الانجليزية للسنة الثانية متوسط Me and My Travels
من يعرف قصصهم ........ - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 19 مايو 2020 - 9:05 من طرف HOUWIROU

» كتاب العلوم الفيزيائية و التكنولوجيا لمستوى السنة 2 متوسط الجيل الثاني
من يعرف قصصهم ........ - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 19 مايو 2020 - 8:55 من طرف HOUWIROU

» تمارين محلولة (المادة و تحولاتها) من كتاب النجاح - للسنة الثانية متوسط
من يعرف قصصهم ........ - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 19 مايو 2020 - 8:50 من طرف HOUWIROU

» التحدي في العلوم الطبيعية، ملخصات، تمارين، وضعيات للسنة الثانية متوسط
من يعرف قصصهم ........ - صفحة 3 Emptyالثلاثاء 19 مايو 2020 - 8:42 من طرف HOUWIROU

غير مسجل
أنت غير مسجل فى منتديات طيبة الجزائرية . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

DMCA.com Protection Status

سحابة الكلمات الدلالية
الثاني دفع مكملة القرض قبول للحصول كيفية مسابقة رخصة Petit الجيل الحوالة التسجيل عند شروط المستثمر Robert صيانة تنفيذ البريدية مخزون ansej حقوق البنكي الشابا السياقة