تمهيد
ان الحماية القانونية
للأموال العامة لها أصلها التاريخي حيث أن بعض الشرائع القديمة مثل شريعة حمو رابي
والقانون الروماني قد عرفت التفريق بين نوعين من الأموال وأنها قد شددت عقوبة
جرائم الاعتداء التي تقع على المال العام مما يدل على وجود حماية المال العام في
تلك الشرائع.
وقد عرفت الشريعة الإسلامية
المال العام ورتبت له الحماية اللازمة من أي تهديد ذلك أنة مال عام لجميع المسلمين
، وقد عرف المال العام في الشريعة بأنة (كل ما ثبت علية يد المسلمين في بلادهم،
ولم يتعين مالكة بل هو للمسلمين جميعا).كما عرف بأنة( المال الذي لايدخل في الملك
الفردي وإنما هو المصلحة العموم ومنافعهم)
فالإسلام اقر الملكية
الجماعية واعترف بها بالنسبة الى الأشياء المشتركة التي تستدعيها حاجة الأمة. فقد
جعل ملكية بعض الأشياء الأساسية عامة لان الأمة تحتاج إلية
ويتضح مما تقدم أن الشريعة
الإسلامية أقرت مبدأ المساواة بين الناس في الانتفاع بالأموال العامة
المبحث الاول
ماهية المال العام
لكي تتمكن الإدارة من تسير
مرافقها المختلفة وأداء واجباتها المتعددة فأنها تحتاج إلى أموال منقولة وغير
منقولة لتنفق على اوجة أنشطتها المختلفة او لتستهلكها لهذا الغرض وهذه الأموال هي
مايطلق عليها الأموال العامة أو أموال الدولة.
ومن اجل التعرف بدقة على
مفهوم المال العام وتحديد نطاق الحماية المقررة له،لابد من تعريف المال العام
وتحديد نطاقه وانواعة والمعيار الذي يميزه عن المال الخاص للدولة.
لذلك سوف نقسم هذا البحث الى
مطلبين، نتناول في المطلب الأول تعريف المال العام ونطاقه وانواعة وهو بدورة ينقسم
إلى ثلاث فروع يتناول الفرع الأول منة تعريف المال العام والفرع الثاني نطاق المال
العام والفرع الثالث انواع المال العام، أما المطلب الثاني فسوف نبين فيه معيار
الأموال العامة من الأموال الخاصة بشيء من الإيجاز
التعريف بالمال العام ونطاقة وانواعة
تعتبر الأموال العامة
الوسيلة المادية التي تستعين بها الإدارة لأداء وظيفتها في تقديم الخدمات للجمهور
، في حين يمثل الموظفون الوسيلة البشرية .وتعددت عناصر المال العام وانقسمت
محتوياته إلى عدة تقسيمات
تعريف بالمال العام
لكي يمكن أن نعرف المال
العام بشكل دقيق لابد في البدء من التطرق بإيجاز لتعريف المال العام وتقسيماته
بالنظر إلى مالكة نميز بين كل أنوع من أنواع وتحديد المقصود بة ، فالمال (0لغة)
يعرف بأنة (ما ملكته من كل شيء) ( واصطلاحا)
عرف بأنة ( كل شيء نافع للإنسان يصح أن يستأثر بة دون غيرة ويكون محلا للحقوق)
وفي هذا المجال يقول الأستاذ
حسن كيره( أن مدلول المال يصدق على كل حق ذي قيمة مالية ،فكما يعد الحق العيني
أصليا كان أو تبعيا مالا ، وقد عرف القانون المدني العراقي المال بأنة ( هو كل حق
له قيمة مادية)
فالمال هو حق والحق هو
السلطة أو ميزة يخولها القانون للشخص فيكون له بمقتضاه أن يقوم بأعمال معينة أذن
المال هو الحق ذو القيمة المالية سواء كان حقا أم عينا أم حقا من الحقوق الأدبية
أو الفنية أو الصناعية.
وتقسيم الأموال إلى تقسيمات
عديدة وما يهمنا منها هو تقسيم الأموال الى أموال عامة وخاصة بالنظر إلى مالكها
وعلى الأخص المال العام لأنة موضوع بحثنا
فقد عرف المال العام بأنة
(المال المملوك للدولة سواء كان مملوكا ملكية عامة تمارس علية الدولة سلطتها
بصفتها صاحبة السلطة العامة، أو مملوكا لها ملكية خاصة ويخضع لقواعد القانون الخاص.
كما عرف بأنة( مجموعة من
الأموال التي تعود إلى السلطة العامة) ويمكن أن نعرف المال العام بأنة( مجموعة
الأموال المملوكة للدولة أو الأشخاص المعنوية العامة الأخرى). ويمكن أن نلاحظ على
تعار يف الأموال مايلي:
• أن تعار يف الأموال العامة
جميعها تشترط في المال العام أن يكون عائدا للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة لكي
يعد مالا عاما
• تتوجه اغلب التعريفات نحو
اشتراط تخصيص المال للمنفعة.
لذلك يمكننا مما تقدم أن
نعرف الأموال العامة (الدومين العام) بأنها (الأموال المنقولة والثابتة المملوكة
للدولة أو الأشخاص المعنوية العامة والتي تخصص للمنفعة العامة). نرى أن هذا
التعريف يأخذ بالأدلة الراجحة فقها تبين الآراء المختلفة تجاه بعض المسائل
المتعلقة بالمال العام
نطاق المال العام
نشأت النظرية التقليدية
للأموال العامة في فرنسا في القرن التاسع عشر حيث بدا التميز بين نوعين من الأموال
المملوكة للدولة هي الأموال العامة والأموال الخاصة بعد أن أصبحت ممتلكات التاج
ممتلكات الأمة في أعقاب الثورة الفرنسية.
وكان هذا التمييز بين
الأموال العامة والخاصة للإدارة من بنات أفكار الفقه الفرنسي الذي ميز بين شروحاتة
وتعليقاته على المواد (538) وما بعدها من القانون المدني الفرنسي بين الأموال العامة
المخصصة للانتفاع العام وبين أموال الدولة الخاصة. وقد انتقلت فكرة التميز بين
نوعين من أموال الدولة إلى الفقه الإداري العربي واخذ بها المشرع في بعض الأقطار
العربية ومنها العراق ومصر.
فبالنسبة للقانون المصري فقد
تضمنت المادة 87 من تقنينه المدني على ان:
1. تعتبر أموالا عامة،العقارات
والمنقولات التي للدولة أو الأشخاص الاعتبارية العامة والتي تكون مخصصة لمنفعة
عامة بالفعل أو بمقتضى قانون أو مرسوم أو قرار من الوزير المختص.
2. وهذه الأموال لايجوز التصرف
بها أو الحجز عليها أو تملكها بالتقادم وقد تبنى المشرع العراقي في القانون المدني
معيار تخصيص المال المملوك للدولة أو الأشخاص المعنوية العامة بالفعل أو بمقتضى
القانون لتحديد نطاق الأموال العامة وتميزها من غيرها من أنواع الملكية للأخرى
سواء كانت للإدارة أو للأفراد.
فقد نصت المادة (71) من
القانون العراقي على مايلي:
1. تعد أموالا عامة العقارات
والمنقولات التي للدولة أو للأشخاص المعنوية العامة التي تكون لمنفعة عامة بالفعل
أو بمقتضى القانون. أما الفقرة الثانية من هذا القانون فقد تضمن قواعد الحماية
المقررة للأموال العامة.
2. وهذه الأموال لايجوز التصرف
بها او الحجز عليها أو تملكها بالتقادم.
أما المادة (72) من القانون
المدني العراقي فقد بين كيفية أن تفقد الأموال العامة صفاتها. تفقد الأموال العامة
صفاتها بانتهاء تخصيصها للمنفعة العامة وينتهي التخصيص بمقتضى القانون أو بالفعل
أو بانتهاء الغرض الذي من أجلة خصصت تلك الأموال للمنفعة العامة.
لذلك فأنة لغرض تحديد
الأموال العامة تحديدا صحيحا فأنة ينبغي على الفقه هجر وترك التقليدية بين الأموال
العامة والأموال الخاصة للدولة ويقترح تسميتها أموال الدولة مهما كانت طريقة
الانتفاع بها وهي تشمل جميع ممتلكات الأشخاص المعنوية والقطاع الاشتراكي سواء كان
لصالح الأفراد أو لتسيير الدولة أو الأشخاص المعنوية الأخرى,
أنواع المال العام
اختلف الفقه في طرق تصنيف
الأموال العامة.فذهب البعض إلى تصنيفها وفق للشخص العام المالك للمال(الدولة
–المحافظة-البلدية) وذهب آخرون على أساس نوع المال إلى (بري –بحري- نهري –جوي)
وقسمها البعض وفقا للغرض (حربي-ديني –خيري-جماهيري)
وقسمها البعض إلى بحسب طبيعتها إلى أموال (طبيعية –صناعية- منقولة)
وأكثر هذه التقسيمات وأفضلها شمولا بجميع أنواع المال العام هو تقسيماتها النوعية
إلى (بري-بحري-نهري-جوي)
اولآ:
المال العام البري:وشمل جميع
الأموال المتعلقة بمرافق النقل والموصلات البرية كالطرق والشوارع فضلا عن مرافق
توزيع المياه والكهرباء والغاز والمتاحف، المال العسكري لذلك فأنها تقسم إلى:
1. أموال عامة مدنية: وهي
الأكثر شيوعا إذ تتضمن جميع الأموال ذات الصبغة المدنية فتشمل مرافق النقل البري
كافة كالطرق العامة والسكك الحديدية وغيرها. وتشمل كل الأموال العقارية والمنقولة
التي تخصص للمنفعة العامة كالمتاحف.
2. أموال عامة عسكرية: تعد
وظيفة الدفاع من أهم الوظائف في الدولة، لذلك فان كل الأموال التي تستخدم في هذا
المرفق تعد من الأموال العامة، وتشمل المنشات الحربية كافة بما تحتوي من تجهيزات
وملحقات واستحكامات عسكرية وملحقاتها كافة.
ثانيا:
المال البحري: ويشمل شواطئ
البحار والمستنقعات والبحيرات المالحة والامتداد القاري والمنشاة الضرورية للملاحة
البحرية ( الفنار-والمنار) وغيرها.
ثالثا:
المال العام النهري: ويشما
الأنهار وفروعها ومجاري المياه القابلة للملاحة ابتدءا من النقطة القابلة للملاحة
إلى البحر والقنوات والموانئ النهرية ويتحدد هذا الخط من خلال تحديد متوسط مستوى
النهر إثناء مدة طويلة من الزمن،ولا يؤخذ بنظر الاعتبار السنين التي تكون فيها
العلو والانخفاض استثناءا، ويمكن القول أن المال العام النهري أما أن يكون طبيعيا
كالأنهر وأما أن يكون صناعيا كالمصارف والمرافئ والأرصفة والمباني والجسور اللازمة
للانتفاع بالنهر.
رابعا:
المال العام الجوي: ويشمل كل
توابع ارض الضرورية للحركة الجوية والمطارات والسيطرة على الملاحة الجوية أما فيما
يتعلق بالفضاء الجوي، فيشمل الفضاء الجوي بعلو إقليم الدولة بالقدر الذي تصل إلية
وسائلها الدفاعية.
وقد نص القانون المدني
العراقي وفق المادة(71) أن المشرع العراقي قد توجه نحو النص على قاعدة هامة ضمنها
المعيار المميز للمال العام، ولم يورد أمثلة لما يعد من الأموال العامة لان ذلك
التعداد والأمثلة تؤدي إلى الوقوع في الخطأ أذا ما أخطا المشرع في التعبير ( وهذا
ما وقع به ونقد علية القانون الفرنسي والقانون المصري القديم) الأمر الذي يؤدي إلى
التزام القاضي بالأخذ بهذا الخطأ
معيار التميز بين الأموال العامة والخاصة
أن الآراء الفقهية قد تباينت
حول تحديد معيار معين لتميز الأموال العامة من الأموال الخاصة وتراوحت الآراء بين
التطبيق لنطاق هذه الأموال أو توسيعها وتباينت التشريعات حول هذا الموضوع فبالنسبة
للقانون الفرنسي لم يمرر المشرع الفرنسي معيارا واضحا يمكن الاستناد إلية لتميز
الأموال العامة عن الأموال الخاصة وقد انعكس ذلك على القضاء الفرنسي تجاه هذه
المسالة إذ كانت المحاكم سواء العادية منها أو الإدارية تكتفي بإبراز الصفات
المتوافرة من كل حالة من دون أن تحدد معيارا عاما يمكن تطبيقه في جميع الحالات.
وقد اعتمد المشرع الأردني في هذا المعيار في المادة (60) والقانون الليبي في
المادة(87) مدني والسوري المادة(90) والسوداني المادة (70) واليمني المادة (120) أما
فيما يتعلق بموقف المشرع العراقي فقد حسم معيار التخصيص بالمنفعة العامة للتميز
بين الأموال العامة والخاصة وفق المادة (71) من القانون المدني العراقي الصادر
سنة1951 وبذلك يكون المشرع قد اخذ بالمعيار السائد في الفقه الجديد وهو معيار
التخصيص للمنفعة العامة
ويكون المال عاما أذا تحقق
فيه شرطان:
1. أن يكون هذا المال مملوكا
للدولة أو احد أشخاص القانون العام
2. أن يكون مخصصا لمنفعة عامة
ويرى جانب من الفقه الإداري
العراقي أن المقصود بتخصيص المال للمنفعة العامة هو أن يكون المال مخصصا لخدمة
الجمهور مباشرة كالطرق والجسور العامة والكتب في المكتبات أو مخصصة لخدمة مرفق عام
كالمدارس والمحاكم العسكرية
الموضوعالأصلي : تعريف لاموال العامة في التشريع العراقي // المصدر :