الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم ياربنا تسليما كثيرا ، ثم أما بعد :
إن الإيمان في قلوب الشباب ليس أمراً ثابتاً، لا يزول ولا يحول، ولا ينقص ولا يزيد، بل هو معرض للنقص والزيادة، وفوق هذا فإنه معرض أيضاً للنزول بالكلية من القلوب، فيعود الإنسان إلى الضلال بعد الهدى وإلى الكفر بعد الإيمان (اعاذنا الله من ذلك)، فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خشي على شباب الصحابة - رضي الله عنهم - من نقص الإيمان وزواله بسبب الفتن التي يتوقع مواجهتها في حياتهم.
ولقد نبه الرسول - صلى الله عليه وسلم - شباب صحابته إلى شئ من هذه الفتن بأحاديث كثيرة منها ما ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - "ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشي، والماشي فيها خير من الساعي، من تشرف لها تستشرفة، فمن وجد منها ملجأ أو معاذا فليعذ به".
وعن أسامة بن زيد - رضي الله عنه - قال: اشرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أطم من آطام المدينة، فقال: " هل ترون ما أرى؟ إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم، كمواقع القطر".
ولما كانت الحال كذلك فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يترك عقائد الشباب نهباً لهذه الفتن، فقد حرص عليه الصلاة والسلام على صيانة هذه العقيدة وتحصين هذا الإيمان بأمور كثيرة من أهمها الحث على التمسك بالكتاب والسنة، ومن التوجيهات النبوية في ذلك ما يلي:
عن علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول الا أنها ستكون فتنة؟ فقلت: وما المخرج يارسول الله؟ قال: كتاب الله، فيه نبأ ما كان قبلكم، وخير ما بعدكم، وحكم ما بينكم، وهو الفصل ليس بالهزل، من تركه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى من غيره أضله الله ن وهو حبل الله المتين، وهو الذكر الحكيم، وهو الصراط المستقيم، هو الذي لا تزيغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا يشبع منه العلماء، ولا يخلق على كثرة الرد، ولا تنقضي عجائبه، هو الذي لم تنته الجن إذ سمعته حتى قالوا: ﴿ .. إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ.. ﴾ [الجن: 1، 2] من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم "
ففي هذا الحديث توجيه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للشاب علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - بالتمسك في هذا الكتاب العظيم ببيان شئ من خصائصه.
ومن توجيهاته - صلى الله عليه وسلم - في التمسك بالكتاب والسنة للسلامة من الضلال، والنجاة من الفتن، "تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما: كتاب الله، وسنة نبيه".
وعن العرباض بن ساريه؟ رضي الله عنه؟ قال: وعظنا رسول يوماً بعد صلاة الغداة موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب فقال رجل: إن هذه موعظة مودع، فبماذا تعد إلينا يا رسول الله؟ قال "أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة، وإن عبد حبشي فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافاً كثيراً، وإياكم ومحدثات الأمور، فإنها ضلالة، فمن أدرك ذلك منكم فعليه بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، عضوا عليها بالنواجد".
ومن جهة الاستفادة من هذا المنهج في العصر الحاضر فإن التمسك بالكتاب والسنة زاد قوي للخلاص من الفتن والسلامة من الضلال، ولذا أوصى به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شباب أمته في وقته، وأولئك الشباب شباب الصحابة رضي الله عنهم كانوا على ما هم عليه من قوة الإيمان وشدة التمسك بكتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ومع هذا كله فقد وردت لهم الوصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وشباب العصر الحاضر بحاجة ماسة إلى مثل ها التوجيه لما هم عليه من ضعف الإيمان وكثرة الفتن، وضعف التمسك بكتاب الله سبحانه وتعالى وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم - ويتمثل الحث على التمسك بالكتاب والسنة في العصر الحاضر بعدة أمور أهمها:
الموضوعالأصلي : الفتن وإيمان الشباب // المصدر :