السبت 26 مارس 2011 - 11:22 | المشاركة رقم: |
مشرفة منتديات الثقافة و الأدب
إحصائيةالعضو | |
| موضوع: قصيدة النهر المتجمد - لميخائيل نعيمة قصيدة النهر المتجمد - لميخائيل نعيمة قصيدة النهر المتجمد - لميخائيل نعيمة
يا نهرُ هل نضبتْ مياهُكَ فانقطعتَ عن الخريـر ؟
أم قد هَرِمْتَ وخار عزمُكَ فانثنيتَ عن المسير ؟
*** بالأمسِ كنتَ مرنماً بين الحدائـقِ والزهـور
تتلو على الدنيا وما فيها أحاديـثَ الدهـور
*** بالأمس كنتَ تسير لا تخشى الموانعَ في الطريـق
واليومَ قد هبطتْ عليك سكينةُ اللحدِ العميـق
*** بالأمس كنـتَ إذا أتيتُكَ باكيـاً سلَّيْتَنـي
واليومَ صـرتَ إذا أتيتُكَ ضاحكـاً أبكيتنـي
*** بالأمسِ كنتَ إذا سمعتَ تنهُّـدِي وتوجُّعِـي
تبكي ، وها أبكي أنا وحدي، ولا تبكي معي !
*** ما هذه الأكفانُ ؟ أم هذي قيـودٌ من جليـد
قد كبَّلَتْكَ وذَلَّلَتْـكَ بها يدُ البـرْدِ الشديـد ؟
*** ها حولك الصفصافُ لا ورقٌ عليه ولا جمـال
يجثو كئيباً كلما مرَّتْ بـهِ ريـحُ الشمـال
*** والحَوْرُ يندبُ فوق رأسِـكَ ناثـراً أغصانَـهُ
لا يسرح الحسُّـونُ فيـهِ مـردِّداً ألحانَـهُ
*** تأتيه أسرابٌ من الغربـانِ تنعـقُ في الفَضَـا
فكأنها ترثِي شباباً من حياتِـكَ قـد مَضَـى
***
وكأنـها بنعيبها عندَ الصبـاحِ وفي المسـاء
جوقٌ يُشَيِّعُ جسمَـكَ الصافي إلى دارِ البقـاء
*** لكن سينصرف الشتا ، وتعود أيـامُ الربيـع
فتفكّ جسمكَ من عِقَالٍ مَكَّنَتْهُ يـدُ الصقيـع
*** وتكرّ موجتُكَ النقيةُ حُرَّةً نحـوَ البِحَـار
حُبلى بأسرارِ الدجى ، ثملى بأنـوارِ النهـار
*** وتعود تبسمُ إذ يلاطف وجهَكَ الصافي النسيم
وتعود تسبحُ في مياهِكَ أنجمُ الليلِ البهيـم
***
والبدرُ يبسطُ من سماه عليكَ ستراً من لُجَيْـن
والشمسُ تسترُ بالأزاهرِ منكبَيْـكَ العارِيَيْـن
*** والحَوْرُ ينسى ما اعتراهُ من المصائـبِ والمِـحَن
ويعود يشمخ أنفُهُ ويميس مُخْضَـرَّ الفَنَـن
*** وتعود للصفصافِ بعد الشيبِ أيامُ الشبـاب
فيغرد الحسُّـونُ فوق غصونهِ بدلَ الغـراب
*** قد كان لي يا نـهرُ قلبٌ ضاحكٌ مثل المروج
حُرٌّ كقلبِكَ فيه أهـواءٌ وآمـالٌ تمـوج
*** قد كان يُضحي غير ما يُمسي ولا يشكو المَلَل
واليوم قد جمدتْ كوجهِكَ فيه أمواجُ الأمـل
*** فتساوتِ الأيـامُ فيه : صباحُهـا ومسـاؤها
وتوازنَتْ فيه الحياةُ : نعيمُـها وشقـاؤها
*** سيّان فيه غدا الربيعُ مع الخريفِ أو الشتاء
سيّان نوحُ البائسين ، وضحكُ أبناءِ الصفاء
*** نَبَذَتْهُ ضوضاء ُ الحياةِ فمـالَ عنها وانفـرد
فغـدا جماداً لا يَحِنُّ ولا يميلُ إلى أحـد
*** وغدا غريباً بين قومٍ كـانَ قبـلاً منهـمُ
وغدوت بين الناس لغزاً فيه لغـزٌ مبهـمُ
*** يا نـهرُ ! ذا قلبي أراه كما أراكَ مكبَّـلا
والفرقُ أنَّك سوفَ تنشطُ من عقالِكَ ، وهو لا
|
| |
الموضوعالأصلي : قصيدة النهر المتجمد - لميخائيل نعيمة // المصدر :