الحياة الاجتماعية و العادات

في
مجتمع الطوارق ذي الملامح البدوية يتمتع الرجل القوي الفراسة بجلد وخبرة
بالسفر في الصحراء مهتديا بالنجوم مدركا لدروبها وعلاماتها بخبرة الدليل
المحنك, يسمى شيخ القبيلة «أمونكل» ومجلس أعيانه ومساعديه «إيمغاد» أما
الأفراد العاديين فيسمون «إيكلان» ويتبعون زعماء القبائل بشكل عفوي وراسخ,
يترك الرجل للمرأة مساحة من الحرية بدون تحفظ في أمور مثل اختيار شريك
الحياة ورعاية شؤون المنزل ومن الغريب افتخار المرأة بالطلاق وتسمى بعده
«أحسيس» أي الحرة من أي التزام, والحكمة من ذلك أنها بتعدد زواجها وطلاقها
تنجب الكثير من الرجال للقبيلة!! و عادة ما تكون مثقفة أكثر من الرجل
وتتدرب على لغة "التيفينار أو تاماشيك " .
و المرآة الطارقية سيدة
منزل من الطراز الأول فهي وعلى سفور محاسنها تعاضد الرجل المتنقل بين مصادر
المياه , وتجمع الحطب للتدفئة، كما تعد مختلف مشتقات الحليب للغذاء بصورة
عامة في شكل معجون ومكبوس مع التمر،و تمارس المرأة الحرف الصغيرة بيد خبير
فنان فهي تنسج القش على شكل مراوح وسلال وتصنع السروج والعقال للجمال وتفتل
الحبال للدلو والشادوف اللذين تسحب بهما المياه من الآبار الصحراوية
العميقة و في مناسبات الفرح يعزف الطوارق الموسيقى بالاتهم الخاصة وتشارك
المرأة الرجل المستعرض بسيفه في التصفيق وقرع الطبول والرقص الذي يتخذ شكل
حلقات تتسع وتنقبض على حسب اللحن وهو شكل معروف بأنماط مختلفة على امتداد
أراضي الصحراء الكبرى من المحيط حتى تخوم نهر النيل .



و يحتفل بارتداء الصبي اللثام بعد تثبيت قطعة مربعة من الفضة
فيه,و يحدث هذا في سن الثامنة عشرة خلال حفل يكتنفه الغناء ويبرز فيه
الفتيان مهارات المبارزة وألعاب الفروسية , هذا و يميز الطوارق رجالهم من
على بعد أميال وبفراسة فائقة من خلال مشية الجمل أو شكل الهودج أو مقاس
الكتف أو التمايل المعين في مشية الجمل وحين يقتربون يعرفون بعضهم بشكل
العيون .
و الطوارق في مأكلهم ومشربهم يتسمون بالبساطة يأكلون ما
يجدونه، وهم صبورون على العطش والجوع، يعتمدون في غذائهم على مواشيهم
وإبلهم حيث اللبن واللحم وما تجود به الصحراء من تمر وصيد .
الحياة في الصحراء لها مذاق خاص لا يعرفه إلا أهلها ...
فتبر الرمال الأصفر و زمرد السماء الأزرق عندما يتحدان عند خط الأفق لا
يميز الناظر ايهما يغرق في لجة الآخر .. فالموج الرملي علم الإنسان كيف
يبحر .. كيف يشعر .. كيف يفيض وفاء و حنينا .. و كيف يستخدم حواسه الكامنة
في الاهتداء بالنجم .. تتبع الأثر تحسس النوايا للتفريق بين صديق و عدو ..
فنجد البدوي فارسا لا يشق له غبار و سيفا على رقبة المعتدي .. ضربه بتار ..
شهم في موطن الشهامة .. و عفيف في مواطن العفة ..ذلك الفارس على ظهر جواد
يطارد ظباء المها ..أو المرتحل من غيداء إلى بطحاء موطنه منابع الماء حيث
ينيخ رحاله .. مرحبا بالضيف في شمم و إباء .. باذلا نفسه في سخاء .. الفارس
العربي و صل إلى بحر الرمال الإفريقي الكبير و نما في حضنها غرسه المعروف
بالطوارق " الملثمين " .

الطوارق هم شعب
الصحراء الكبرى , ينتشرون في روبعها , و تتوزع مضاربهم في غربها و شرقها
ووسطها , تجدهم في مالي و موريتانيا و النيجر , و في صحراء الجزائر و جنوب
ليبيا , في شمال تشاد و حتى حدود السودان , هناك من يقول إن الصحراء ليست
موطنهم الأصلي , بل إن الطوارق تزحزحوا من الشمال إلى الجنوب موغلين في
الصحراء هربا من الجيوش التي كانت تهاجم شمال أفريقيا .
ومهما يكون
يبقى الطوارق أهل الصحراء الكبرى العارفين بخفاياها و أسرارها و بحركة
النجوم و الأفلاك فوق سمائها و المتمتعين بصفائها ,و لعلنا نتسأل هنا: من
هم الطوارق ؟ و ما الذي يميزهم عن غيرهم ؟ و ما هى عادتهم و مظاهر ثقافتهم و
فنونهم ؟
منقول